فعلى مذهب من حكى الله فيه قوله: يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون، وإن لم يؤمنوا بالإنزال قال الرازي: وهذا القول الذي ذكره أبو مسلم ليس فيه إلا أنه مخالف للمفسرين، ولكنه أقرب إلى التحقيق لوجوه:
أحدها: أنَّ جبريل عليه السلام ليس معهود باسم الرسول، ولم يجرِ له فيما تقدم ذكر حتى تجعل لام التعريف إشارة إليه، فإطلاق لفظ الرسول لإرادة جبريل كأنه تكليف بعلم الغيب.
وثانيها: أنه لا بد فيه من الإضمار، وهو قبضة من أثر حافر دابة الرسول، والإضمار خلاف الأصل.r
(٥/٣٠٣)
---
وثالثها: أنه لا بد من التعسف في بيان أن السامري كيف اختص من بين جميع الناس برؤية جبريل ومعرفته، وكيف عرف أن تراب حافر فرسه له هذا الأثر، والذي ذكروه من أن جبريل هو الذي رباه فبعيد؛ لأن السامري إن عرف أنه جبريل حال كمال عقله عرف قطعاً أن موسى نبّي صادق، فكيف يحاول الإضلال، وإن كان ما عرفه حال البلوغ، فأنى ينفعه كون جبريل مر بباله حال الطفولية في حصول تلك المعرفة، ثم إن موسى عليه السلام لما سمع من السامري ما ذكر
(٥/٣٠٤)
---