﴿وقالوا اتخذ﴾ أي: تكلف كما يتكلف من لا يكون له ولد ﴿الرحمن﴾ أي: الذي كل موجود من فيض نعمه ﴿ولداً﴾ نزل في خزاعة حيث قالوا: الملائكة بنات الله، وقيل: نزل ذلك في اليهود حيث قالوا: إنه تعالى صاهر الجن، فكانت منهم الملائكة كما حكى الله تعالى عنهم قولهم، وجعلوا بينه وبين الجنة نسباً، ثم إنه سبحانه وتعالى نزه نفسه عن ذلك بقوله تعالى: ﴿سبحانه﴾ أي: تنزه عن أن يكون له ولد، فإنّ ذلك يقتضي المجانسة بينه وبين الولد، ولا تصح مجانسة النعمة للمنعم الحقيقي ﴿بل﴾ أي: الذين جعلوهم له ولداً وهم الملائكة ﴿عباد﴾ من عباده أنعم عليهم بالإيجاد كما أنعم على غيرهم لا أولاد، فإنّ العبودية تنافي الولدية ﴿مكرمون﴾ بالعصمة من الزلل ولذلك فسر الإكرام بقوله تعالى:
﴿لا يسبقونه﴾ أي: لا يسبقون إذنه ﴿بالقول﴾ أي: لا يقولون شيئاً حتى يقوله كما هو شأن العبيد المؤدّبين ﴿وهم بأمره﴾ إذا أمرهم ﴿يعملون﴾ لا بغيره لأنهم في غاية المراقبة له تعالى، فجمعوا في الطاعة بين القول والفعل، وذلك غاية الطاعة، ثم علل إخباره بذلك بعلمه بما هذا المخبر به مندرج فيه بقوله تعالى:
(٥/٣٥٢)
---