﴿ويقولون﴾ في استهزائهم ﴿متى هذا الوعد﴾ أي: بإتيان الآيات من الساعة ومقدّماتها وغيرها ﴿إن كنتم﴾ فيما توعدون به ﴿صادقين﴾ أي: عريقين في هذا الوصف يعنون محمداً ﷺ وأصحابه، وهذا هو الاستعجال المذموم المذكور على سبيل الاستهزاء، ثم بيّن تعالى أنهم يقولون ذلك لجهلهم بقوله تعالى:
﴿لو يعلم الذين كفروا﴾ وذكر المفعول به بقوله تعالى: ﴿حين﴾ أي: وقت ﴿لا يكفون﴾ أي: لا يدفعون ﴿عن وجوههم﴾ التي هي أشرف أعضائهم ﴿النار﴾ استسلاماً وعجزاً ﴿ولا عن ظهورهم﴾ التي هي أشدّ أجسامهم السياطَ ﴿ولا هم ينصرون﴾ أي: لا يمنعون من العذاب في القيامة وجواب لو محذوف و المعنى: لو علموا لما أقاموا على كفرهم ولما استعجلوا العذاب، ولا قالوا: متى هذا الوعد إن كنتم صادقين.
﴿بل تأتيهم﴾ أي: القيامة ﴿بغتة﴾ أي: فجأة ﴿فتبهتهم﴾ أي: تحيرهم، يقال: فلان مبهوت أي: متحير ﴿فلا يستطيعون ردّها﴾ أي: لا يطلبون طوع ذلك لهم في ذلك الوقت ليأسهم منه ﴿ولا هم ينظرون﴾ أي: يمهلون لتوبة أو معذرة، ولما كان التقدير حاق بهم هذا باستهزائهم بك أتبعه ما يدل على أنّ الرسل في ذلك شرع واحد تسلية له ﷺ فقال عاطفاً على وإذا رآك:
﴿ولقد استهزئ برسل من قبلك﴾ أي: كثيرين فلك بهم أسوة، وقرأ أبو عمرو وعاصم وحمزة في الوصل بكسر الدال والباقون بالضم وإذا وقف حمزة أبدل الهمزة ياء ساكنة ﴿فحاق﴾ أي: نزل ﴿بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون﴾ وهو العذاب فكذا يحيق بمن استهزأ بك، ولما أعلم الله تعالى أن الكفار في الآخرة لا يكفون عن وجهوهم النار ولا عن ظهورهم بسائر ما وصفهم به. أتبعه بأنهم في الدنيا أيضاً لولا أنّ الله تعالى يحرسهم ويحفظهم لما بقوا في السلامة، فقال تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم
(٥/٣٦٠)
---