﴿إن الذين سبقت لهم منا الحسنى﴾ أي: الحكم بالموعدة البالغة في الحسن في الأزل، ومنهم من ذكر سواء أضل بأحد منهم الكفار فأطروه أم لا ﴿أولئك﴾ أي: العالو الرتبة ﴿عنها﴾ أي: جهنم ﴿مبعدون﴾ برحمة الله تعالى لأنهم أحسنوا في العبادة واتقوا، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان، وفي رواية ابن عباس «أن ابن الزبعرى لما قال للنبي ﷺ ذلك سكت ولم يجب، فضحك القوم، فنزل قوله تعالى: ﴿ولما ضرب ابن مريم مثلاً إذا قومك منه يصدّون وقالوا: أآلهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلا جدلاً بل هم قوم خصمون﴾، ونزل في عيسى والملائكة أن الذين سبقت لهم منا الحسنى الآية، وقد أسلم ابن الزبعري بعد ذلك رضي الله تعالى عنه، ومدح النبي ﷺ وادّعى جماعة أنّ المراد من الآية الأصنام؛ لأنّ الله تعالى قال: وما تعبدون من دون الله، ولو أراد الملائكة والناس لقال: ومن تعبدون، يروى أن علياً رضي الله تعالى عنه قرأ هذه الآية ثم قال: أنا منهم، وأبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وسعد وسعيد وعبد الرحمن بن عوف وابن الجراح، ثم أقيمت الصلاة فقام يجرّ رداءه وهو يقول:
(٥/٤٢١)
---
﴿لا يسمعون حسيسها﴾ أي: حركتها البالغة وصوتها الشديد، فكيف بما دونه؛ لأنّ الحس مطلق الصوت أو الصوت الخفي كما قاله البغوي، فإذا زادت حروفه زاد معناه، فذكر ذلك بدلاً من مبعدون أو حال من ضميره للمبالغة في إبعادهم عنها ﴿وهم﴾ أي: الذين سبقت لهم منا الحسنى ﴿في ما اشتهت أنفسهم﴾ في الجنة كما قال تعالى: ﴿وفيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين﴾ (الزخرف، ٧١)
والشهوة طلب النفس اللذة ﴿خالدون﴾ أي: دائماً أبداً في غاية التنعم وتقديم الظرف للاختصاص والاهتمام به.
فائدة: في هنا مقطوعة من ما ولما كان معنى ذلك أن سرورهم ليس له زوال أكده بقوله تعالى:
(٥/٤٢٢)
---


الصفحة التالية
Icon