﴿ذلك﴾ أي: الأمر العظيم الكبير فمن راعاه فاز ومن حاد عنه خاب، ثم عطف عليه ما هو أعمّ من هذا القدر فقال تعالى: ﴿ومن يعظم شعائر الله﴾ جمع شعيرة وهي البدن التي تهدي للحرم لأنها من معالي الحج بأن يختار عظام الأجرام حساناً سماناً غالية الأثمان ويترك المكاس في شرائها فقد كانوا يغالون في ثلاث، ويكرهون المكاس فيهنّ الهدي والأضحية والرقبة، وروى ابن عمر عن أبيه رضي الله عنهما «أنه أهدى نجيبة طلبت منه بثلثمائة دينار فسأل رسول الله ﷺ مائة بدنة فيها جمل لأبي جهل في أنفه برة من ذهب» وكان ابن عمر يسوق البدن مجللة بالقباطي فيتصدّق بلحومها وجلالها ويعتقد أن طاعة الله في التقرّب بها وإهدائها إلى بيته المعظم أمر عظيم لا بدّ أن يقام به ويسارع فيه ﴿فإنها﴾ أي: تعظيمها ناشىء ﴿من تقوى القلوب﴾ فمن للابتداء فإن جعلت تبعيضية فلا بدّ من حذف تقديره: فإنّ تعظيمها من أفعال ذوي تقوى القلوب فحذفت هذه المضافات ولا يستقيم المعنى إلا بتقديرها لأنه لا بدّمن راجع من الجزاء إلى من ليرتبط به وإنما ذكرت القلوب لأنها مراكز التقوى التي إذا ثبتت فيها وتمكنت ظهر أثرها في سائر الأعضاء وسميت تلك البدن شعائر لإشعارها بما يعرف به أنهار هدي كطعن حديدة بسنامها قال البقاعي: ولعله مأخوذ من الشعر لأنها إذا جرحت قطع شيء من شعرها أو أزيل عن محل الجرح فيكون من الإزالة ﴿لكم فيها﴾ أي: البدن ﴿منافع﴾ كركوبها والحمل عليها بما لا يضرها وعن إبراهيم: من احتاج إلى ظهرها ركب ومن احتاج إلى لبنها شرب وقال أصحاب الرأي: لا يركبها إلا إذا اضطرّ إليها ﴿إلى أجل مسمى﴾ وهو وقت نحرها ﴿ثم محلها﴾ أي: مكان حلّ نحرها ﴿إلى البيت العتيق﴾ أي: عنده والمراد الحرم جميعه وقيل المراد بالشعائر المناسك ومشاهد الحج وبالمنافع الأجر والثواب في قضاء المناسك إلى انقضاء آجالها وبحملها إلى محل الناس من إحرامهم إلى البيت يطوفون به طواف الزيارة {ولكل