﴿وإذا تتلى﴾ أي: على سبيل التحذير والمبالغة من أيّ تال كان ﴿عليهم آياتنا﴾ أي: من القرآن حال كونها ﴿بينات﴾ لا خفاء فيها عند من له بصيرة في شيء مما دعت إليه من الأصول والفروع ﴿تعرف في وجوه الذين كفروا﴾ أي: تلبسوا بالكفر ﴿المنكر﴾ أي: الإنكار الذي هو منكر في نفسه، فيظهر أثره في وجوههم من الكراهة والعبوس لما حصل لهم من الغيظ، ثم بيّن ما لاح في وجوههم بقوله تعالى: ﴿يكادون يسطون﴾ أي: يوقعون السطوة بالبطش والعنف ﴿بالذين يتلون عليهم آياتنا﴾ أي: الدالة على أسمائنا الحسنى وصفاتنا العليا القاضية بوحدانيتنا مع كونها بينات في غاية الوضوح في أنها كلامنا لما فيها من الحكم والبلاغة التي عجزوا عنها، ثم أمر الله تعالى رسوله ﷺ أنّ يقابلهم بالوعيد بقوله تعالى: ﴿قل أفأنبئكم﴾ أي: أفأخبركم خبراً عظيماً ﴿بشر من ذلكم﴾ بأكره إليكم من القرآن المتلوّ عليكم، وقوله تعالى: ﴿النار﴾ كأنه جواب سائل قال: ما هو؟ فقيل: النار، أي: هو النار، ويجوز أنّ تكون مبتدأ خبره ﴿وعدها الله الذين كفروا﴾ جزاء لهم فبئس الموعد هي ﴿وبئس المصير﴾ أي: النار، ولما بين تعالى أنه لا حجة لعابد غيره اتبعه بأنّ الحجة قائمة على أنّ ذلك الغير في غاية الحقارة، فقال تعالى منادياً أهل العقل منبهاً تنبيهاً عاماً:
(٥/٤٩٩)
---
﴿يا أيها الناس ضرب مثل﴾ حاصله أنّ من عبدتموه من الأصنام أحقر منكم ﴿فاستمعوا﴾ أي: أنصتوا ﴿له﴾ وتدبروه، ثم فسره بقوله تعالى: ﴿إن الذين تدعون﴾ أي: تعبدون وتدعونهم في حوائجكم وتجعلونهم آلهة ﴿من دون الله﴾ أي: الملك الأعلى من هذه الأصنام التي أنتم بها مغترّون ﴿لن يخلقوا ذباباً﴾ أي: لا قدرة لهم على ذلك في زمن من الأزمان على حال من الأحوال مع صغره فكيف بما هو أكبر منه ﴿ولو اجتمعوا﴾ أي: الذين زعمتموهم شركاء ﴿له﴾ أي: الخلق فهم في هذا أمثالكم.
(٥/٥٠٠)
---