﴿وإن لكم في الأنعام﴾ وهي الإبل والبقر والغنم ﴿لعبرة﴾ عظيمة تعتبرون بها وتستدلون بها على البعث وغيره ﴿نسقيكم مما في بطونها﴾ أي: اللبن نجعله لكم شراباً نافعاً للبدن موافقاً للشهوة تلتذون به من بين الفرث والدم ﴿ولكم فيها﴾ أي: جماعة الأنعام، وقدم الجار تعظيماً لمنافعها حتى كأنّ غيرها عدم ﴿منافع كثيرة﴾ باستسلامها لما يراد منها مما لا يتيسر من أصغر منها وبأولادها وأصوافها وأوبارها وأشعارها وغير ذلك من آثارها ﴿ومنها تأكلون﴾ أي: وكما تنتفعون بها وهي حية تنتفعون بها بعد الذبح أيضاً بسهولة من غير امتناع مّا من شيء من ذلك ولو شاء لمنعها وسلطها عليكم، ولو شاء لجعل لحمها لا ينضج أو جعله قذراً لا يؤكل، ولكنه بقدرته وعلمه هيأها لما ذكر وذللها.
﴿وعليها﴾ أي: الأنعام الصالحة للحمل وهي الإبل والبقر، وقيل: المراد الإبل خاصة؛ لأنها هي المحمول عليها في العادة وقرنها بالفلك التي هي السفن في قوله تعالى: ﴿وعلى الفلك تحملون﴾ لأنها سفائن البر، فكما يحمل على الفلك في البحر فيحمل على هذه في البر قال ذو الرمة في المعنى:
*سفينة بر تحت خدي زمامها
قال الزمخشري: يريد صيدحه أي: ناقته؛ لأنّ اسمها كان صيدح قال:
*رأيت الناس ينتجعون غيثاً
** فقلت لصيدح انتجعي بلالا
يريد بلال بن أبي بردة الأشعري والي الكوفة، ولما بيّن سبحانه وتعالى دلائل التوحيد أردفها بذكر القصص كما هو العادة في سائر السور مبتدئاً بقصة نوح عليه السلام، فقال تعالى:
(٦/٢٥)
---


الصفحة التالية
Icon