وقرأ قالون والبزي وأبو عمرو بإسقاط الهمزة الأولى من الهمزتين المفتوحتين من كلمتين، وحقق الأولى وسهل الثانية ورش وقنبل ﴿فاسلك﴾ أي: أدخل ﴿فيها﴾ أي: السفينة ﴿من كل زوجين،﴾ من الحيوان ﴿اثنين﴾ ذكراً وأنثى، وقرأ حفص بتنوين اللام من كل أي: من كل نوع زوجين، فزوجين مفعول واثنين تأكيد، و الباقون بغير تنوين، فاثنين مفعول، ومن متعلق باسلك، وفي القصة إن الله تعالى حشر لنوح السباع والطير وغيرهما، فجعل يضرب يده في كل جمع، فتقع يده اليمنى على الذكر واليسرى على الأنثى فيحملهما في السفينة، وروي أنه لم يحمل إلا ما يلد ويبيض ﴿وأهلك﴾ أي: وأهل بيتك من زوجك وأولادك ﴿إلا من سبق عليه﴾ لا له ﴿القول منهم﴾ بالهلاك وهو زوجته وولده كنعان بخلاف سام وحام ويافث، فحملهم وزوجاتهم الثلاثة، وفي سورة هود ﴿ومن آمن وما آمن معه إلا قليل﴾ (هود، ٤٠)، قيل: كانوا ستة رجال ونساءهم، وقيل: جميع من كان في السفينة ثمانية وسبعون نصفهم رجال ونصفهم نساء ﴿ولا تخاطبني﴾ أي: بالسؤال في النجاة ﴿في الذين ظلموا﴾ أي: كفروا، ثم علل ذلك بقوله تعالى: ﴿إنهم مغرقون﴾ أي: قد حتم القضاء عليهم لظلمهم بالإشراك والمعاصي، ومن هذا شأنه لا يشفع له، فإنه تعالى بعد أنّ أملى لهم الدهر المتطاول فلم يزيدوا إلا ضلالاً ولزمتهم الحجة البالغة لم يبق إلا أنّ يجعلوا عبرة للمعتبرين ونحن نكرمك عن سؤال لا يقبل، ولقد بالغ سبحانه وتعالى حيث اتبع النهي عنه الأمر بالحمد على هلاكهم والنجاة منهم بقوله تعالى:
﴿فإذا استويت﴾ أي: اعتدلت ﴿أنت ومن معك﴾ أي: من البشر وغيرهم ﴿على الفلك﴾ ففرغت من امتثال الأمر بالحمل ﴿فقل الحمد لله﴾ أي: الذي لا كفء له؛ لأنه مختص بصفات الحمد ﴿الذي نجانا﴾ بحملنا فيه ﴿من القوم﴾ أي: الأعداء الأغبياء ﴿الظالمين﴾ أي: الكافرين لقوله تعالى: ﴿فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين﴾ (الأنعام، ٤٥)
(٦/٢٨)
---


الصفحة التالية
Icon