﴿فأرسلنا﴾ أي: فتعقب إنشاءنا لهم وتسبب عنه أنا أرسلنا ﴿فيهم رسولاً منهم﴾ هو هود، وقيل: صالح؛ قال البغوي: والأوّل هو الأظهر وهو المروي عن ابن عباس ويشهد له حكاية الله قول هود: ﴿واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح﴾ (الأعراف، ٦٩)
ومجيء قصة هود على أثر قصة نوح في سورة الأعراف وسورة هود والشعراء، ثم بين تعالى ما أرسل به بقوله تعالى: ﴿أن اعبدوا الله﴾ أي: وحدوه لأنه لا مكافىء له، ثم دل على الاستغراق بقوله تعالى: ﴿ما لكم من إله غيره أفلا تتقون﴾ أي: هذه الحالة التي أنتم عليها مخافة عقابه فتؤمنون، وقرأ نافع وابن كثير وابن عامر والكسائي بضم النون في الوصل والباقون بكسرها، والقراءة في غيره ذكرت قريباً.k
﴿وقال الملأ﴾ أي: الأشراف التي تملأ رؤيتهم الصدور ﴿من قومه الذين كفروا﴾ أي: غطوا ما يعرفون من أدلة التوحيد والانتقام من المشركين ﴿وكذبوا بلقاء الآخرة﴾ أي: بالمصير إليها ﴿وأترفناهم﴾ أي: والحال أنا بما لنا من العظمة نعمناهم ﴿في الحياة الدنيا﴾ بالأموال والأولاد وكثرة السرور يخاطبون أتباعهم ﴿ما هذا﴾ أشاروا إليه تحقيراً له عند المخاطبين ﴿إلا بشر مثلكم﴾ في الخلق والحال، ثم وصفوه بما يوهم المساواة لهم في كل وصف فقالوا: ﴿يأكل مما تأكلون منه﴾ أي: من طعام الدنيا ﴿ويشرب مما تشربون﴾ أي: من شرابها فكيف يكون رسولاً دونكم، وقولهم:
﴿ولئن﴾ اللام لام قسم أي: والله لئن ﴿أطعتم بشراً مثلكم﴾ أي: فيما يأمركم به ﴿إنكم إذاً﴾ أي: إن أطعتموه ﴿لخاسرون﴾ أي: مغبونون لكونكم فضلتم مثلكم عليكم بما يدعيه، ثم بينوا إنكارهم بقولهم:
(٦/٣١)
---
﴿أيعدكم أنكم إذا متم﴾ ففارقت أرواحكم أجسادكم ﴿وكنتم﴾ أي: وكانت أجسادكم ﴿تراباً﴾ باستيلاء التراب على ما دون عظامكم ﴿وعظاماً﴾ مجردة عن اللحوم والأعصاب ﴿أنكم مخرجون﴾ أي: من تلك الحالة التي صرتم إليها فراجعون إلى ما كنتم عليه من الحياة على ما كان لكم من الأجسام.