طيبات الرزق الحلال الصافي القوام، فالحلال هو الذي لا يعصى الله تعالى فيه، والصافي هو الذي لا ينسى الله فيه، والقوام هو الذي يمسك النفس ويحفظ العقل، وقيل: المراد بالطيب المستلذ أي: ما تستلذه النفس من المأكل والمشرب والفواكه، ويشهد له مجيئه على عقب قوله تعالى: ﴿وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين﴾ (المؤمنون، ٥٠)، واعلم أنه سبحانه وتعالى كما قال للمرسلين: ﴿يا أيها الرسل كلوا من الطيبات﴾ قال للمؤمنين: ﴿يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم﴾، ودل سبحانه وتعالى على أنّ الحلال عون على الطاعة بقوله تعالى: ﴿واعملوا صالحاً﴾ فرضاً ونفلاً سراً وجهراً غير خائفين من أحد غير الله تعالى، ثم حثهم على دوام المراقبة بقوله تعالى: ﴿إني بما﴾ أي: بكل شيء ﴿تعملون عليم﴾ أي: بالغ العلم فأجازيكم عليه، وقرأ:
﴿وإن هذه﴾ بكسر الهمزة الكوفيون على الاستئناف، والباقون بفتحها على تقدير واعلموا أنّ هذه أي: ملة الإسلام، وخفف النون ساكنة ابن عامر وشدّدها مفتوحة الباقون ﴿أمتكم﴾ أي: دينكم أيها المخاطبون أي: يجب أنّ تكونوا عليها حال كونها ﴿أمة واحدة﴾ لا شتات فيها أصلاً، فما دامت موحدة، فهي مرضية ﴿وأنا ربكم﴾ أي: المحسن إليكم بالخلق والرزق وحدي، فمن وحدني نجا، ومن أشرك معي غيري هلك ﴿فاتقون﴾ أي: فاحذرون.
(٦/٤١)
---