﴿نسارع﴾ أي: نعجل ﴿لهم﴾ أي: به ﴿في الخيرات﴾ لا نفعل ذلك ﴿بل لا يشعرون﴾ أنهم في غاية البعد عن الخيرات ﴿سنستدرجهم من حيث لا يعلمون﴾ (الأعراف، ١٨٢)، وقال تعالى في موضع آخر: ﴿فلا تعجبك أمولهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون﴾ (التوبة، ٥٥)، وروي عن زيد بن ميسرة أنه قال: أوحى الله تعالى إلى نبي من الأنبياء أيفرح عبدي أنّ أبسط إليه الدنيا، وهو أبعد له مني، ويحزن أنّ أقبض عنه الدنيا وهو أقرب له مني، وعن الحسن أنه لما أتي عمر رضي الله عنه بسواري كسرى فأخذهما ووضعهما في يد سراقة بن مالك فبلغا منكبيه، فقال عمر: اللهم إني قد علمت أنّ نبيك عليه الصلاة والسلام كان يحب أن يصيب مالاً لينفقه في سبيلك، فزويت ذلك عنه، ثم إن أبا بكر كان يحب ذلك اللهم لا يكون ذلك مكراً منك، ثم تلا: ﴿أيحسبون﴾ الآية. ولما ذكر أهل الافتراق ذكر أهل الوفاق ووصفهم بأربع صفات.
الأولى: قوله تعالى:
﴿إن الذين هم﴾ أي: ببواطنهم ﴿من خشية ربهم﴾ أي: الخوف العظيم من المحسن إليهم المنعم عليهم ﴿مشفقون﴾ أي: دائمون على الحذر.
الصفة الثانية: قوله تعالى:
﴿والذين هم بآيات ربهم﴾ أي: القرآن ﴿يؤمنون﴾ أي: يصدقون.
الصفة الثالثة: قوله تعالى:
﴿والذين هم بربهم﴾ أي: الذي لا محسن إليهم غيره ﴿لا يشركون﴾ أي: شيئاً من شرك في وقت من الأوقات كما لم يشركه في الإحسان إليهم أحد، ولما أثبت لهم الإيمان الخالص نفى عنهم العجب بقوله تعالى:
(٦/٤٣)
---