﴿بل قلوبهم﴾ أي: الكفرة من الخلق ﴿في غمرة﴾ أي: جهالة قد أغرقتها ﴿من هذا﴾ أي: القرآن أو الذي وصف به حال هؤلاء أو من كتاب الحفظة ﴿ولهم أعمال من دون ذلك﴾ المذكور للمؤمنين ﴿هم﴾ أي: الكفار ﴿لها﴾ أي: لتلك الأعمال الخبيثة ﴿عاملون﴾ أي: لا بد أنّ يعملوها فيعذبون عليها لما سبق من الشقاوة.
﴿حتى إذا أخذنا مترفيهم﴾ أي: رؤساءهم وأغنياءهم ﴿بالعذاب﴾ قال ابن عباس: هو السيف يوم بدر، وقيل: هو الجوع دعا عليهم رسول الله ﷺ وقال: «اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف» فابتلاهم الله تعالى بالقحط حتى أكلوا الكلاب والجيف والعظام المحرقة والقذر والأولاد ﴿إذا هم يجأرون﴾ أي: يصيحون ويستغيثون ويجزعون، وأصل الجأر رفع الصوت بالتضرع؛ قاله البغوي، فكأنه قيل: فهل يقبل اعتذارهم أو يرحم انكسارهم؟ فقيل: لا بل يقال لهم بلسان الحال أو المقال.
﴿لا تجأروا اليوم﴾ فإن الجأر غير نافع لكم، ثم علل ذلك بقوله تعالى: ﴿إنكم منا لا تنصرون﴾ أي: بوجه من الوجوه، ومن عدم نصرنا لم يجد له ناصراً فلا فائدة لجأره إلا إظهار الجزع، ثم علل عدم نصره لهم بقوله تعالى:
﴿قد كانت آياتي﴾ أي: من القرآن ﴿تتلى عليكم﴾ أي: من أوليائي وهم الهداة النصحاء ﴿فكنتم﴾ كوناً هو كالجبلة ﴿على أعقابكم﴾ عند تلاوتها ﴿تنكصون﴾ أي: تعرضون مدبرين عن سماعها والعمل بها، والنكوص الرجوع القهقرى.
(٦/٤٥)
---