﴿ومن خفت موازينه﴾ لإعراضه عن تلك الأعمال المؤسسة على الإيمان ﴿فأولئك﴾ خاصة ﴿الذين خسروا أنفسهم﴾ لإهلاكهم إياها باتباعها شهواتها في دار الأعمال وشغلها بأهوائها عن مراتب الكمال وقوله تعالى: ﴿في جهنم خالدون﴾ بدل من الصلة، أو خبر ثان لأولئك، وهي دار لا ينفك أسيرها ولا ينطفىء سعيرها، ثم استأنف قوله تعالى:
﴿تلفح﴾ أي: تغشى بشدّة حرّها وسمومها ووهجها ﴿وجوههم النار﴾ فتحرقها، فما ظنك بغيرها، واللفح كالنفح إلا أنه أشد تأثيراً ﴿وهم فيها كالحون﴾ أي: عابسون قد شمرت شفاههم العليا والسفلى عن أسنانهم، وعن أبي سعيد الخدري عن النبي ﷺ أنه قال: «تشويه النار فتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه وتسترخي شفته السفلى حتى تضرب سرته» وقوله تعالى:
﴿ألم تكن آياتي﴾ أي: من القرآن على إضمار القول أي: يقال لهم: ألم تكن آياتي ﴿تتلى عليكم﴾ أي: تتابع لكم قراءتها في الدنيا شيئاً فشيئاً ﴿فكنتم بها تكذبون﴾ ثم استأنف جوابه بقوله تعالى:
(٦/٦٣)
---
﴿قالوا ربنا﴾ أي: المسبغ علينا نعمه ﴿غلبت علينا شقوتنا﴾ أي: ملكتنا بحيث صارت أحوالها مؤدّية إلى سوء العاقبة ﴿وكنا﴾ أي: بما جبلنا عليه ﴿قوماً ضالين﴾ في ذلك عن الحق أقوياء في موجبات الشقوة فكان سبباً للضلال عن طريق السعادة.
﴿ربنا﴾ يا من عودنا بالإحسان ﴿أخرجنا منها﴾ أي: من النار تفضلاً منك على عادة فضلك وردّنا إلى دار الدنيا لنعمل ما يرضيك ﴿فإن عدنا﴾ إلى مثل ذلك الضلال ﴿فإنا ظالمون﴾ لأنفسنا، ثم استأنف جوابهم بأن:
(٦/٦٤)
---