تنبيه: يجوز في الذي الرفع نعتاً للذي الأول أو بياناً أو بدلاً، أو خبراً لمبتدأ محذوف والنصب على المدح، وما بعده يدل على أنه من تمام الصلة، فليس أجنبياً فلا يضر الفصل به بين الموصول الأول والثاني إذا جعلنا الثاني تابعاً له ﴿ولم يتخذ ولداً﴾ أي: هو الفرد أبداً ولا يصح أن يكون غيره تعالى معبوداً ووارثاً للملك عنه، وهذا رد على النصارى، ﴿ولم يكن له شريك في الملك﴾ أي: هو المنفرد بالألوهية، وإذا عرف العبد ذلك انقطع رجاؤه عن كل من سواه تعالى ولم يشتغل قلبه إلا برحمته وإحسانه، وفيه ردّ على الوثنية القائلين بعبادةالنجوم والأوثان، ولما نفى تعالى الشريك، فكأن قائلاً يقول: هاهنا أقوام يعترفون بنفي الشريك والشركاء والأنداد ومع ذلك يقولون: يخلق أفعال أنفسهم، فرد الله تعالى عليهم بقوله: ﴿وخلق كل شيء﴾ أي: من شأنه أن يخلق ومنه أفعال العباد، والخلق هنا بمعنى الإحداث أي: أحدث كل شيء إحداثاً مراعى فيه التقدير والتسوية ﴿فقدره تقديراً﴾ أي: هيأه لما يصلح له، مثاله أنه خلق الإنسان على هذا الشكل المقدر الذي تراه، فقدره للتكاليف والمصالح المنوطة به في بابي الدين والدنيا، وكذلك كل حيوان وجماد جاء به على الجبلة المستوية المقدرة، وسمي إحداث الله خلقاً؛ لأنه لا يحدث شيئاً لحكمة إلا على وجه التقدير من غير تفاوت.
فإذا قيل: خلق الله كذا، فهو بمنزلة قولك: أحدث وأوجد من غير نظر إلى وجه الاشتقاق، فكأنه قيل: وأوجد كل شيء فقدره تقديراً في إيجاده، ولم يوجده متفاوتاً، ولو حمل خلق كل شيء على معناه الأصلي من التقدير لصار الكلام: وقدر كل شيء فقدره، فلم يصر له كبير فائدة، وقيل: فجعل له غاية ومنتهى ومعناه: فقدره للبقاء إلى أمد معلوم، واختلف في عود الضمير في قوله تعالى:
﴿واتخذوا من دونه﴾ أي: الله تعالى أي: غيره ﴿آلهة﴾ على ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه يعود على الكفار الذين تضمنهم لفظ العالمين.
(٦/١٩١)
---