﴿وإذا ألقوا﴾ أي: طرحوا طرح إهانة ﴿منها﴾ أي: النار ﴿مكاناً﴾ ثم وصفه تعالى بقوله تعالى: ﴿ضيقاً﴾ زيادة في فظاعتها، قال ابن عباس: يضيق عليهم كما يضيق الزج في الرمح ﴿مقرنين﴾ أي: مصفدين زيادة قد قرنت أيديهم إلى أعناقهم من الأغلال، وقد قيل: الكرب مع الضيق كما أن الروح مع السعة، ولذلك وصف الله تعالى الجنة بأن عرضها السموات والأرض، وجاء في الأحاديث أن لكل مؤمن من القصور والجنان كذا وكذا، ولقد جمع الله تعالى على أهل النار أنواع الضيق والإرهاق حيث ألقاهم في مكان ضيق يتراصون فيه تراصاً كما مر عن ابن عباس: أنه يضيق عليهم كما يضيق الزج في الرمح، وهو منقول أيضاً عن ابن عمر، وسئل النبي ﷺ عن ذلك فقال: «والذي نفسي بيده إنهم يستكرهون في النار كما يستكره الوتد في الحائط، وهم مع ذلك الضيق مسلسلون مقرنون في السلاسل قرنت أيديهم إلى أعناقهم ويقرن مع كل كافر شيطانه في سلسلة في أرجلهم».Y
تنبيه: ﴿مكاناً﴾ منصوب على الظرف، ومنها في محل نصب على الحال من مكاناً؛ لأنه في الأصل صفة له، ومقرنين حال من مفعول ﴿ألقوا﴾، وقرأ ابن كثير ضيقاً بسكون الياء والباقون بكسر الياء مشددة ﴿دعوا هنالك﴾ أي: في ذلك المكان البغيض البعيد عن الرفق ﴿ثبوراً﴾ قال ابن عباس: ويلاً، وقال الضحاك: هلاكاً، فيقولون: واثبوراه هذا حينك وزمانك؛ لأنه لا منادم لهم غيره، وليس يحضر أحدً منهم سواه، قال البغوي: وفي الحديث «إن أول من يكسى حلة من النار إبليس فيضعها على حاجبيه ويسحبها من خلفه، وذريته من خلفه وهو يقول: يا ثبوراه وهم ينادون: يا ثبورهم حتى يقفوا على النار» فيقال لهم:
(٦/٢٠١)
---