تنبيه: في نصب يوم أوجه: أحدها: أنه منصوب بإضمار فعل يدل عليه قوله تعالى: ﴿لا بشرى﴾ أي: يمنعون البشرى يوم يرون، الثاني: باذكر فيكون مفعولاً به. الثالث: بيعذبون مقدراً ولا يجوز أن يعمل فيه نفس البشرى لوجهين: أحدهما: أنها مصدر والمصدر لا يعمل فيما قبله، والثاني: أنها منفية بلا، وما بعد لا لا يعمل فيما قبلها. وقوله: ﴿ويقولون﴾ أي: في ذلك الوقت ﴿حجراً محجوراً﴾ عطف على المدلول ويقول الكفرة لهم حينئذٍ: هذه الكلمة استعاذة وطلباً من الله تعالى أن يمنع لقاء الملائكة عنهم مع أنهم كانوا يطلبون نزول الملائكة ويقترحونه وهم إذا رأوهم عند الموت أو يوم القيامة كرهوا لقاءهم وفزعوا منهم؛ لأنهم لا يلقونهم إلا بما يكرهون، وقالوا عند رؤيتهم ما كانوا يقولونه عند لقاء العدو والشدة النازلة أو نحو ذلك: حجراً محجوراً يضعونها موضع الاستعاذة، فهم يقولون ذلك إذا عاينوا الملائكة. قال سيبويه: يقول الرجل للرجل: تفعل كذا وكذا فيقول: حجراً، وهي من حجره إذا منعه؛ لأن المستعيذ طالب من الله أن يمنع المكروه عنه فلا يلحقه، وكأن المعنى: أسأل الله أن يمنع ذلك منعاً ويحجره حجراً، وقال ابن عباس: تقول الملائكة: حراماً محرماً أن يدخل الجنة إلا من قال: لا إله إلا الله، وقيل: إذا خرج الكفار من قبورهم تقول الملائكة لهم: حرام محرم عليكم أن تكون لكم البشرى، ولما كان المريد لإبطال شيء لشدة كراهته له لا يقنع في إبطاله بغيره بل يأتيه بنفسه فيبطله، عبر تعالى بقوله:
(٦/٢١٣)
---


الصفحة التالية
Icon