﴿الذين﴾ أي: هم الذين ﴿يحشرون﴾ أي: يجمعون قهراً ماشين مقلوبين ﴿على وجوههم﴾ مسحوبين ﴿إلى جهنم﴾ أي: كما أنهم لم ينظروا في الدنيا بعين الإنصاف فإن الآخرة مرآة الدنيا مهما عمل هنا رآه هناك كما أن الدنيا مزرعة الآخرة مهما عمل فيها جنى ثمره هناك. روى البخاري أن رجلاً قال: «يا نبي الله كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ قال: الذي أمشاه على الرجلين في الدنيا قادر أن يمشيه على وجهه يوم القيامة»، وروى البيهقي: «يحشر الناس يوم القيامة على ثلاثة أصناف: صنف على الدواب، وصنف على الوجوه، وصنف على الأقدام»، ولما وصف الله تعالى المتعنتين في أمر القرآن بهذا الوصف استأنف الإخبار عنهم بقوله تعالى: ﴿أولئك﴾ أي: البعداء البغضاء ﴿شر﴾ أي: شر الخلق ﴿مكاناً﴾ هو جهنم ﴿وأضل سبيلاً﴾ أي: أخطأ طريقاً من غيرهم وهو كفرهم، ولما قال تعالى ﴿وكذلك جعلنا لكل نبي عدوّاً من المجرمين﴾، وذكر ذلك في معرض التسلية له ﷺ ذكر قصص جماعة من الأنبياء، وعرفه تكذيب أممهم زيادة في تسليته، القصة الأولى: قصة موسى عليه السلام المذكورة في قوله تعالى:
﴿ولقد آتينا﴾ أي: بما لنا من العظمة ﴿موسى الكتاب﴾ أي: التوراة ﴿وجعلنا معه أخاه هارون وزيراً﴾ أي: معيناً، فإن قيل: كونه وزيراً كالمنافي لكونه شريكاً له في النبوّة والرسالة؟ أجيب: بأنه لا منافاة بين النبوّة والرسالة والوزارة قد كان يبعث في الزمن الواحد أنبياء متعددون، ويؤمرون بأن يؤازر بعضهم بعضاً.
تنبيه: هارون بدل أو بيان أو منصوب على القطع ووزيراً مفعول ثان، وقيل: حال والمفعول الثاني معه ويدل على رسالة هارون عليه السلام قوله تعالى:
(٦/٢٢٤)
---


الصفحة التالية
Icon