﴿ويعبدون﴾ أي: هؤلاء الكفرة ﴿من دون الله﴾ أي: مما يعلمون أنه في الرتبة دون الله المستجمع لصفات الكمال والعظمة بحيث أنه لا ضر ولا نفع إلا وهو بيده ﴿ما لا ينفعهم﴾ بوجه من الوجوه إن عبدوه في إزالة كربة ﴿ولا يضرهم﴾ في أزلة نعمة من نعم الله تعالى عليهم إن تركوه ﴿وكان الكافر﴾ أي: مع علمه بضعفه وعجزه ﴿على ربه﴾ أي: المحسن إليه لا غيره ﴿ظهيراً﴾ أي: معيناً للشيطان من الإنس والجن على أولياء الله تعالى، روي أنها نزلت في أبي جهل ويجوز أن يراد بالظهير الجماعة كقوله تعالى: ﴿والملائكة بعد ذلك ظهير﴾ (التحريم، ٤)، كما جاء الصديق والخليط وعلى هذا يكون المراد بالكافر الجنس، فإن بعضهم مظاهر لبعض على إطفاء نور دين الله قال تعالى: ﴿وإخوانهم يمدونهم في الغي﴾ (الأعراف، ٢٠٢)
وهذا أولى لأن خصوص السبب لا يقدح في عموم اللفظ، ولأنه أوفق لظاهر قوله تعالى: ﴿ويعبدون من دون الله﴾، وقيل: معناه وكان الذي يفعل هذا الفعل وهو عبادة ما لا ينفع ولا يضر على ربه هيناً مهيناً من قولهم ظهرت به إذا خلفته خلف ظهرك لا تلتفت إليه وهو نحو قوله تعالى: ﴿أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم﴾ (آل عمران، ٧٧)، ولما كان التقدير تسلية له ﷺ فالزم ما نأمرك به ولا يزد همك بردهم عما هم فيه، فإنا ما أرسلناك عليهم وكيلاً عطف عليه قوله تعالى:
﴿وما أرسلناك﴾ يا أشرف الخلق بما لنا من العظمة ﴿إلا مبشراً﴾ بالثواب على الإيمان والطاعة ﴿ونذيراً﴾ أي: مخوفاً بالعقاب على الكفر والمعصية، ثم كأنه قيل: فماذا أقول لهم إذا طعنوا في الرسالة؟ فقال تعالى:
(٦/٢٤١)
---