وهذا جواب أيضاً عن أنه لم لم يخلقها في لحظة وهو قادر على ذلك، وعن سعيد ابن جبير: إنما خلقها في ستة أيام وهو قادر أن يخلقها في لحظة واحدة، تعليماً لخلقه الرفق والتثبت، وقيل: اجتمع خلقها يوم الجمعة فجعله الله عيداً للمسلمين، وعن مجاهد أول الأيام يوم الأحد وآخرها يوم الجمعة، ولما كان تدبير هذا الملك أمراً باهراً أشار إليه بأداة التراخي بقوله تعالى: ﴿ثم استوى على العرش﴾ أي: شرع في التدبير لهذا الملك الذي اخترعه وأوجده، ولا يجوز أن يفسر بالاستقرار، لأنه يقتضي التغير الذي هو دليل الحدوث، ويقتضي التركيب وكل ذلك على الله محال، فإن قيل: يلزم من ذلك أن يكون خلق العرش بعد خلق السموات، وقال الله تعالى: ﴿وكان عرشه على الماء﴾ (هود، ٧)
؟ أجيب: بأن كلمة ثم ما دخلت على خلق العرش بل على رفعه على السموات وهو في اللغة سرير الملك وفي رفع قوله تعالى ﴿الرحمن﴾ أوجه؛ أحدها: أنه خبر الذي خلق أو خبر مبتدأ مضمر أي: هو الرحمن ولهذا أجاز الزجاج وغيره الوقف على العرش، ثم يبتدىء الرحمن أي: هو الرحمن الذي لا ينبغي السجود والتعظيم إلا له، أو يكون بدلاً من الضمير في استوى، وعلى هذا اقتصر الجلال المحلي.
(٦/٢٤٦)
---


الصفحة التالية
Icon