﴿والذين يبيتون﴾ من البيتوتة قال الزجاج: كل من أدركه الليل قيل: بات وإن لم ينم كما يقال: بات فلان قلقاً والمعنى يبيتون ﴿لربهم﴾ أي: المحسن إليهم ﴿سجداً﴾ على وجوههم في الصلاة وقدّمه لأنه أنهى الخضوع، وأخر عنه قوله تعالى: ﴿وقياماً﴾ أي: على أقدامهم وإن كان تطويل القيام أفضل للروي، وتخصيص البيتوتة؛ لأن العبادة في الليل أشق وأبعد من الرياء، قال الزمخشري: والظاهر أنه وصف لهم بإحياء الليل أو أكثره، وقيل: من قرأ شيئاً من القرآن في صلاة وإن قل فقد بات ساجداً وقائماً، وقال ابن عباس: من صلى بعد العشاء ركعتين فقد بات ساجداً وقائماً، وقيل: هما لركعتان بعد المغرب والركعتان بعد العشاء، وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ «من صلى عشاء الآخرة في جماعة كان كقيام نصف ليلة، ومن صلى الصبح في جماعة كان كقيام ليلة»، ولما ذكر تعالى تهذيبهم للخلق والخالق وصفهم الله تعالى أنهم مع ذلك خائفون وجلون وهي الصفة الرابعة بقوله تعالى:
﴿والذين يقولون ربنا﴾ أي: المحسن إلينا ﴿اصرف عنا عذاب جهنم﴾ قال ابن عباس: يقولون في سجودهم وقيامهم هذا القول، ثم علل سؤالهم بقوله تعالى: ﴿إن عذابها كان﴾ أي: كوناً جبلت عليه ﴿غراماً﴾ أي: هلاكاً وخسراناً ملحاً لازماً لا ينفك عنه كما قال:
*إن يعاقب يكن غراماً وإن يع
** ط جزيلاً فإنه لا يبالي
ومنه الغريم لملازمته وإلحاحه فهم يبتهلون إلى الله تعالى في صرف العذاب عنهم لعدم اعتدادهم بأعمالهم ووثوقهم على استمرار أحوالهم، ولما ثبت لهم هذا الوصف أنتج قوله تعالى.
﴿إنها ساءت﴾ أي: تناهت هي في كل ما يحصل منه سوء وهي في معنى بئست في جميع المذام ﴿مستقراً﴾ أي: موضع استقرار ﴿ومقاماً﴾ أي: موضع إقامة.
(٦/٢٥٣)
---