﴿والذين لا يدعون﴾ أي: رحمة لأنفسهم واستعمالاً للعدل ﴿مع الله﴾ أي: الذي اختص بصفات الكمال ﴿إلهاً آخر﴾ أي: دعاءً جلياً بالعبادة ولا خفياً بالرياء، ولما نفى عنهم ما يوجب قتل أنفسهم بخسارتهم إياها أتبعه نفي قتل غيرهم بقوله سبحانه: ﴿ولا يقتلون النفس﴾ رحمة للخلق وطاعة للخالق ولما كان من الأنفس ما لا حرمة له بين المراد بقوله تعالى: ﴿التي حرم الله﴾ أي: منع من قتلها ﴿إلا بالحق﴾ أي: بأن تعمل بما يبيح قتلها، ولما ذكر القتل الجلي أتبعه الخفي بتضييع نسب الولد بقوله تعالى: ﴿ولا يزنون﴾ أي: رحمة للمزني بها ولأقاربها أن تنهتك حرماتهم مع رحمته لنفسه على أن الزنا أيضاً جار إلى القتل والفتن وفيه التسبب إلى إيجاد نفس بالباطل كما أن القتل سبب إلى إعدامها بذلك، وقد روي في الصحيح عن عبد الله بن مسعود أنه سأل النبي ﷺ أي الذنب أعظم وفي رواية أكبر عند الله؟ قال: «أن تدعو لله نداً وهو خلقك قال: ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك، قال: ثم أي؟ قال: أن تزاني حليلة جارك» فأنزل الله تصديق ذلك، ﴿والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر﴾ الآية.
(٦/٢٥٦)
---


الصفحة التالية
Icon