وقرأ حفص مع ابن كثير بصلة الهاء بالياء من فيه قبل مهاناً، فإن قيل: ذكر أن من صفات عباد الرحمن صفات حسنة فكيف يليق بعد ذلك أن يطهرهم عن الأمور العظيمة مثل الشرك والقتل والزنا فلو كان الترتيب بالعكس كان أولى؟ أجيب: بأن الموصوف بتلك الصفات السابقة قد يكون متمسكاً بالشرك تديناً وبقتل الموؤدة تديناً وبالزنا تديناً فبين تعالى أن المراد لا يصير بتلك الخصال وحدها من عباد الرحمن حتى يجتنب تلك الكبائر، وأجاب الحسن بأن المقصود من ذلك التنبيه على الفرق بين سيرة المسلمين وسيرة الكفار كأنه قال تعالى: وعباد الرحمن الذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر، وأنتم تدعون ولا يقتلون وأنتم تقتلون الموؤدة ولا يزنون وأنتم تزنون، ولما أتم تعالى: تهديد الفجار على هذه الأوزار أتبعه ترغيب الأبرار إلى العزيز الغفار بقوله تعالى:
﴿إلا من تاب﴾ أي: رجع عن كل شيء كان فيه من هذه النقائص ﴿وآمن﴾ أي: أوجد الأساس الذي لا يثبت عمل بدونه وهو الإيمان وأكد رجوعه بقوله تعالى: ﴿وعمل عملاً صالحاً﴾ أي: مؤسساً على أساس الإيمان، فإن قيل: العمل الصالح يدخل فيه التوبة والإيمان فذكرهما قبل العمل الصالح يستغني عنه؟ أجيب: بأنهما أفردا بالذكر لعلو شأنهما.h
(٦/٢٥٨)
---