﴿ومن تاب﴾ أي: عن ذنوبه غير ما ذكر ﴿وعمل﴾ تصديقاً لادعائه التوبة ﴿صالحاً﴾ ولو كان كل من نيته وعمله ضعيفاً ورغب سبحانه في ذلك بقوله تعالى معلماً أنه يصل إلى الله ﴿فإنه يتوب﴾ أي: يرجع واصلاً ﴿إلى الله﴾ أي: الذي له صفات الكمال فهو يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ﴿متاباً﴾ أي: رجوعاً مرضياً عند الله بأن يرغبه الله تعالى في الأعمال الصالحة فلا يزال كل يوم في زيادة بنيته وعمله فيخف عليه ما كان ثقيلاً ويتيسر عليه ما كان عسيراً، ويسهل عليه ما كان صعباً كما مرّ في أن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم ولا يزال كذلك حتى يحبه فيكون سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها بأن يوفقه للخير فلا يسمع إلا ما يرضيه وهكذا، ولما وصف سبحانه وتعالى عباده بأنهم تحلوا بأصول الفضائل وتخلوا عن أمهات الرذائل ورغب في التوبة؛ لأن الإنسان لعجزه لا ينفك عن النقص مدحهم بصفة أخرى وهي الصفة المذكورة في قوله تعالى:
(٦/٢٦١)
---