قال تعالى ﴿ويلقون فيها﴾ أي: الغرفة ﴿تحية﴾ أي: دعاء الحياة من بعضهم لبعض ومن الملائكة الذين لا يرد دعاؤهم ولا يمترى في إخبارهم، لأنهم عن الله تعالى ينطقون وذلك على وجه الإعظام والإكرام مكان ما أهانهم عباد الشيطان وقيل: ملكاً وقيل: بقاءً دائماً ﴿وسلاماً﴾ أي: من الله والملائكة وغيرهم وسلامة من كل آفة مكان ما أصابوهم بالمصائب: اللهم وفقنا لطاعتك واجعلنا من أهل رحمتك وارزقنا مما رزقتهم في دار رضوانك يا أرحم الراحمين، وقرأ حمزة والكسائي وشعبة بفتح الياء وسكون اللام وتخفيف القاف من لقي كما قال تعالى: ﴿فسوف يلقون غياً﴾ (مريم، ٥٩)، والباقون بضم الياء وفتح اللام وتشديد القاف أي: يجعلهم الله تعالى لاقين بأيسر أمر كما قال تعالى ﴿ولقاهم نضرة وسروراً﴾ (الإنسان، ١١)
﴿خالدين فيها﴾ أي: الغرفة لا يموتون ولا يخرجون مكان ما أزعجوهم من ديارهم حتى هاجروا ودلَّ على علو أمرها وعظيم قدرها بإبراز مدحها في مظهر التعجب بقوله تعالى: ﴿حسنت﴾ أي: ما أحسنها ﴿مستقراً﴾ أي: موضع استقرار ﴿ومقاماً﴾ أي: موضع إقامة وهذا مقابل ساءت ومثله في الإعراب، ولما شرح سبحانه وتعالى صفات المتقين وأثنى عليهم من أجلها وشرح ثوابهم أمر رسوله ﷺ بقوله تعالى:
﴿قل﴾ أي: لكفار مكة ﴿ما يعبأ﴾ أي: ما يصنع ﴿بكم﴾ أيها الكافرون من عبأت الجيش أو لا يعتد بكم ﴿ربي﴾ أي: المحسن إليّ وإليكم برحمانيته المخصص لي بالإحسان برحيميته وإنما خص بالإضافة لاعترافه دونهم ﴿لولا دعاؤكم﴾ أي: عبادتكم وما متضمنة لمعنى الاستفهام وهي في محل النصب وهي عبارة عن المصدر كأنه قيل: وأي عبء يعبأ بكم لولا عبادتكم وطاعتكم إياه كما قال تعالى: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون﴾ (الذاريات، ٥٦)
(٦/٢٦٥)
---


الصفحة التالية
Icon