﴿إنّ في ذلك﴾ أي: الأمر العظيم ﴿لآية﴾ أي: دلالة على كمال قدرته تعالى، فإن قيل: حين ذكر الأزواج دل عليها بكلمتي الكثرة والإحاطة وكان لا يحصيها إلا عالم الغيب، فكيف قال إنّ في ذلك لآية؟ وهلا قال لآيات؟ أجيب بوجهين: أحدهما: أن يكون ذلك مشاراً به إلى مصدر أنبتنا فكأنه قال: إنّ في ذلك الإنبات لآية، ثانيهما: أن يراد أنّ في كل واحد من تلك الأزواج لآية ﴿و﴾ الحال أنه ﴿ما كان أكثرهم﴾ أي: البشر ﴿مؤمنين﴾ في علم الله تعالى وقضائه فلذلك لا ينفعهم مثل هذه الآيات العظام، وقال سيبويه: كان زائدة
﴿وإن﴾ أي: والحال أنّ ﴿ربك﴾ أي: الذي أحسن إليك بالإرسال وسخر لك قلوب الأصفياء وزوى عنك اللد والأشقياء ﴿لهو العزيز﴾ أي: ذو العزة ينتقم من الكافرين ﴿الرحيم﴾ يرحم المؤمنين، ولما كان مع ما ذكر في ذكر القصص تسلية لنبينا ﷺ فيما يقاسيه من الأذى والتكذيب وكان موسى عليه السلام قد اختص بالكتاب الذي ما بعد القرآن مثله والآيات التي ما أتى بمثلها أحد قبله، بدأ بذكره فقال تعالى:
﴿وإذ﴾ أي: واذكر إذ ﴿نادى ربك﴾ أي: المحسن إليك بكل ما يمكن الإحسان به في هذه الدار، ثم ذكر المنادى بقوله تعالى: ﴿موسى﴾ أي: حين رأى الشجرة والنار، واختلف أهل السنة في النداء الذي سمعه موسى عليه السلام أهو الكلام القديم أو صوت من الأصوات؟.
قال أبو الحسن الأشعري رضي الله تعالى عنه: هو الكلام القديم فكما أن ذاته تعالى لا تشبه سائر الذوات مع أن الدليل دال على أنها معلومة ومرئية في الآخرة من غير كيف ولا جهة فكذا كلامه منزه عن مشابهة الحرف والصوت مع أنه مسموع.
(٧/٦)
---