﴿وما أسألكم عليه﴾ أي: على هذا الحال الذي أتيتكم به وأشار إلى الإغراق في النفي بقوله ﴿من أجر﴾ لتظنوا أني جعلت الدعاء سبباً لذلك، ثم أكد النفي بقوله ﴿إن﴾ أي: ما ﴿أجري﴾ أي: ثوابي في دعائي لكم ﴿إلا على رب العالمين﴾ أي: الذي دبر جميع الخلائق ورباهم، وقرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر وحفص بفتح الياء في أجري في المواضع الخمسة في هذه السورة، والباقون بالسكون ولما انتفت التهمة تسبب عن انتفائها إعادة ما قدمه إعلاماً بالاهتمام به زيادة في الشفقة عليهم فقال:
﴿فاتقوا الله﴾ أي: الذي حاز جميع صفات العظمة ﴿وأطيعون﴾ ولما أقام الدليل على نصحه وأمانته.
(٧/٤٦)
---
﴿قالوا﴾ أي: قومه منكرين عليه ومنكرين لاتباعه استناداً إلى الكبر الذي ينشأ عنه بطر الحق وغمص الناس أي: احتقارهم ﴿أنؤمن لك﴾ أي: لأجل قولك هذا وما أوتيته من أوصافك ﴿و﴾ الحال أنه قد ﴿اتبعك الأرذلون﴾ أي: فيكون إيماننا بك سبباً لاستوائنا معهم، والرذالة: الخسة والذلة، وإنما استرذلوهم لاتضاع نسبهم وقلة نصيبهم من الدنيا، قيل: كانوا من أهل الصناعات الخسيسة كالحياكة والحجامة والصناعة لا تزري بالديانة وهكذا كانت قريش تقول في أصحاب رسول الله ﷺ وما زالت أتباع الأنبياء كذلك حتى كادت من سماتهم وأماراتهم، ألا ترى إلى هرقل حيث سأل أبا سفيان عن أتباع رسول الله ﷺ فلما قال ضعفاء الناس وأراذلهم قال: مازالت أتباع الأنبياء كذلك، وعن ابن عباس هم الفاتحة، وعن عكرمة الحاكة والإساكفة، وعن مقاتل السفلة ولما كانت هذه الشبهة في غاية الركاكة لأنّ نوحاً بعث إلى جميع قومه فلا يختلف الحال بسبب الفقر والغنى وشرف المكاسب وخستها أجابهم بقوله:
(٧/٤٧)
---


الصفحة التالية
Icon