﴿رب نجني وأهلي﴾ وقوله: ﴿مما يعملون﴾ يحتمل أن يريد من عقوبة عملهم، قال الزمخشري: وهو الظاهر، ويحتمل أن يريد بالتنجية العصمة، ثم إنّ الله تعالى قبل دعاءه كما قال تعالى:
﴿فنجيناه وأهله﴾ مما عذبناهم به بإخراجنا له من بلدهم حين استخفافهم له ولم نؤخره عنهم إلى حين خروجهم إلا لأجله، وأكد بقوله تعالى: ﴿أجمعين﴾ إشارة إلى أنه نجى أهل بيته ومن تبعه على دينه، ثم استثنى تعالى من أهل بيته قوله تعالى:
﴿إلا عجوزاً﴾ وهي امرأته كائنة ﴿في﴾ حكم ﴿الغابرين﴾ أي: الماكثين الذين تلحقهم الغبرة بما يكون من الداهية فإننا لم ننجها لقضائنا بذلك في الأزل لكونها لم تتابعه في الدين ولم تخرج معه وكانت مائلة إلى القوم راضية بفعلهم، وقيل: أنها خرجت فأصابها حجر في الطريق فأهلكها.
فإن قيل: كان أهله مؤمنين ولولا ذلك لما طلب لهم النجاة فكيف استثنيت الكافرة منهم؟ أجيب: بأنّ الاستثناء إنما وقع من أهل بيته كما مرّت الإشارة إليه وفي هذا الاسم لها معهم مشركة بحق الزواج وإن لم تشاركهم في الإيمان، فإن قيل: في الغابرين صفة لها كأنه قيل إلا عجوزاً في الغابرين غابرة ولم يكن الغبور صفتها وقت تنجيتهم؟ أجيب: بأنّ معناه إلا عجوزاً مقدّراً غبورها، أو في حكمهم كما مرت الإشارة إليه.
﴿ثم دمرنا﴾ أي: أهلكنا ﴿الآخرين﴾ أي: المؤخرين عن اتباع لوط وفي التعبير بلفظ الآخرين إشارة إلى تأخرهم من كل وجه، ثم لما كان المراد بقوله تعالى: دمرنا حكمنا بتدميرهم عطف عليه قوله:
(٧/٦٢)
---