تنبيه: الكيل على ثلاثة أضرب: واف، وطفيف، وزائد، فأمر بالواجب الذي هو الإيفاء بقوله تعالى: ﴿أوفوا الكيل﴾ ونهى عن المحرم الذي هو التطفيف بقوله تعالى: ﴿ولا تكونوا من المخسرين﴾
ولم يذكر الزائد لأنه إن فعله فقد أحسن وإن لم يفعله فلا إثم عليه، والوزن في ذلك كالكيل، ولهذا عمم في النهي عن النقص بقوله:
﴿ولا تبخسوا﴾ أي: تنقصوا ﴿الناس أشياءهم﴾ أي: في كيل أو وزن أو غير ذلك، ثم أتبع ذلك بما هو أعم بقوله ﴿ولا تعثوا﴾ أي: لا تنصرفوا ﴿في الأرض﴾ من غير تأمل حال كونكم ﴿مفسدين﴾ أي: في المال أو غير ذلك كقطع الطريق والقتل، ثم خوفهم بعد أن وعظهم ونهاهم عن الفساد من سطوة الجبار ما حل بمن هو أعظم منهم بقوله:
(٧/٦٥)
---
﴿واتقوا الذي خلقكم﴾ أي: من نطفة فإعدامكم أهون شيء عليه وأشار إلى ضعفهم وقوة من كان قبلهم بقوله ﴿والجبلة﴾ أي: الجماعة والأمم ﴿الأولين﴾ الذين كانوا على خلقة وطبيعة عظيمة كأنها الجبال قوة وصلابة لا سيما قوم هود الذين بلغت بهم الشدة حتى قالوا من أشدّ منا قوّة، وقد أخذهم الله تعالى أخذ عزيز مقتدر، ثم إنهم أجابوه بالقدح في الرسالة أولاً: باستصغار الوعيد ثانياً: بأن.
(٧/٦٦)
---
﴿قالوا إنما أنت من المسحرين﴾ أي: الذين كرّر سحرهم مرّة بعد أخرى حتى اختلفوا فصار كلامهم على غير نظام، أو من المعللين بالطعام والشراب كما مضى في صالح عليه السلام أي: فأنت بعيد عن الصلاحية للرسالة، ثم أشاروا إلى عدم صلاحية البشر لها مطلقاً ولو كان أعقل الناس بقولهم:
﴿وما أنت إلا بشر مثلنا﴾ أي: فلا وجه لتخصيصك عنا بذلك وأتوا بالواو للدلالة على أنه جامع بين وصفين مناقضين منافيين للرسالة مبالغة في تكذيبه، ولهذا قالوا ﴿وإن نظنك لمن الكاذبين﴾ أي: في دعواك.