(٧/١٠٩)
---
الهدهد اليماني إن صاحبك يسره أن تأتيه بخبر هذه الملكة، فانطلق معه ونظر إلى بلقيس وملكها وغاب إلى وقت العصر، وكان نزول سليمان على غير ماء، قال ابن عباس: وكان الهدهد دليل سليمان على الماء، وكان يعرف الماء ويرى الماء تحت الأرض كما يرى في الزجاجة ويعرف بعده وقربه فينقر الأرض ثم تجيء الشياطين فيسلخونها كما يسلخ الإهاب ويستخرجون الماء، قال سعيد بن جبير: لما ذكر ابن عباس هذا قال له نافع بن الأزرق: انظر ما تقول: إن الصبيّ منا يصنع الفخ ويحثوا عليه التراب فيجيء الهدهد ولا يبصر الفخ حتى يقع في عنقه؟ فقال له ابن عباس ويحك إن القدر إذا جاء حال بين البصر، وفي رواية إذا نزل القضاء والقدر ذهب اللب وعمي البصر، قال القائل:
*هي المقادير فدعني والقدر ** إن كنت أخطأت فما أخطأ القدر*
*إذا أراد الله أمراً بامرئ ** وكان ذا عقل وسمع وبصر*
*يعبر الجهل فيعمى قلبه ** وسمعه وعقله ثم البصر*
*حتى إذا أنفذ فيه حكمه ** ردّ عليه عقله ليعتبر*
*لا تقل لما جرى كيف جرى ** كل شيء بقضاء وقدر*
فلما دخل على سليمان وقت الصلاة سأل الإنس والجنّ والشياطين عن الماء فلم يعلموه، فتفقد الهدهد فلم يجده فدعا عريف الطير وهو النسر فسأله عنه فقال أصلح الله الملك ما أدري أين هو، وما أرسلته مكاناً، فغضب سليمان عند ذلك وقال.
﴿لأعذبنه﴾ أي: بسبب غيبته فيما لم آذن فيه ﴿عذاباً شديداً﴾ أي: مع بقاء روحه ردعاً لأمثاله ﴿أو لأذبحنه﴾ أي: بقطع حلقومه أي: تأديباً لغيره ﴿أو ليأتيني بسلطان مبين﴾ أي: بحجة واضحة.
(٧/١١٠)
---


الصفحة التالية
Icon