وقوله تعالى ﴿يستضعف طائفة منهم﴾ يجوز فيه ثلاثة أوجه أن يكون حالاً من فاعل جعل أي: جعلهم كذلك حالة كونه مستضعفاً طائفة منهم، وأن يكون صفة لشيعاً وأن يكون استئنافاً بياناً لحال الأهل الذين جعلهم فرقاً وأصنافاً وهم بنو إسرائيل الذين كانت حياة جميع أهل مصر على يدي واحد منهم وهو يوسف عليه السلام وفعل معهم من الخير ما لم يفعله والد مع ولده ومع ذلك كافؤوه في أولاده وأولاد أخوته بأن استعبدوهم ثم ما كفاهم ذلك حتى ساؤهم على يدي العنيد سوء العذاب، قال البقاعي: وهذا حال الغرباء بينهم قديماً وحديثاً ثم بين الاستضعاف بقوله تعالى ﴿يذبح أبناءهم﴾ أي: عند الولادة وكَّل بذلك أناساً ينظرون كلما ولدت امرأة ذكراً ذبحوه وسبب ذلك أن كاهناً قال له سيولد مولود في بني إسرائيل يذهب ملكك على يديه فولد تلك الليلة اثنا عشر غلاماً فقتلهم، وبقي هذا العذاب في بني إسرائيل سنين كثيرة وكان ذلك من غاية حمق فرعون فإنه إن صدق الكاهن لم يدفع القتل الكائن وإن كذب فما وجه القتل ﴿ويستحيي نساءهم﴾ أي: يريد حياة الإناث فلا يذبحهنّ، وقال السدي: إنّ فرعون رأى في منامه ناراً أقبلت من بيت المقدس إلى مصر فأحرقت القبط دون بني إسرائيل فسأل عن رؤياه فقيل له: يخرج من هذا البلد من بني إسرائيل رجل يكون هلاك مصر على يديه فأمر بقتل الذكور، وقيل: إنّ الأنبياء عليهم السلام الذين كانوا قبل موسى عليه السلام بشروا بمجيئه فسمع فرعون ذلك فأمر بذبح بني إسرائيل.
﴿إنه﴾ أي: فرعون ﴿كان من المفسدين﴾ فلذلك اجترأ على قتل خلق كثير من أولاد الأنبياء لتخيل فاسد، قال وهب: ذبح فرعون في طلب موسى سبعين ألفاً من بني إسرائيل وقوله تعالى:
(٧/١٧٥)
---