ونقل ابن الأنباري بسنده إلى ابن عباس أنه وقف على لا، أي: هو قرّة عين لي فقط ولك لا أي: ليس هو لك قرّة عين ثم يبتدئ بقوله تقتلوه، وقال ابن عادل: وهذا لا ينبغي أن يصح عنه وكيف يبقى تقتلوه من غير نون رفع ولا مقتض لحذفها فلذلك قال الفراء: هو لحن.
وقوله تعالى ﴿وهم لا يشعرون﴾ جملة حالية من كلام الله تعالى أي: لا شعور لهم أصلاً لأنّ من لا يكون له علم إلا باكتساب فكيف إذا كان مطبوعاً على قلبه وإذا كانوا كذلك فلا شعور لهم بما يؤول إليه أمرهم معه من الأمور الهائلة المؤدّية إلى هلاك المفسدين، وقيل: إنّ ذلك من كلام امرأة فرعون كأنها لما رأت ملأه أشاروا بقتله قالت له افعل أنت ما أقول لك وقومك لا يشعرون أنا التقطناه، قال الكلبي ولما أخبر الله تعالى عن حال من لقيه أخبر عن حال من فارقه بقوله تعالى:
﴿وأصبح﴾ أي: عقب الليلة التي حصل فيها فراقه ﴿فؤاد أمّ موسى﴾ أي: قلبها الذي زاد احتراقه شوقاً وخوفاً وحزناً وهذا يدل على أنها ألقته ليلاً، واختلف في معنى قوله ﴿فارغاً﴾ فقال أكثر المفسرين: خالياً من كل همّ إلا من همّ موسى عليه السلام، وقال الحسن: أي: ناسياً للوحي الذي أوحاه الله تعالى إليها حين أمرها أن تلقيه في البحر ولا تخاف ولا تحزن والعهد الذي عهد أن يرده إليها ويجعله من المرسلين فجاءها الشيطان وقال: كرهت أن يقتل فرعون ولدك فيكون لك أجره وثوابه وتوليت أنت قتله فألقيتيه في البحر وأغرقتيه.
وقال الزمخشري: أي: صفراً من العقل والمعنى أنها حين سمعت بوقوعه في يد فرعون طار عقلها لما دهمها من فرط الجزع والدهش ونحوه قوله تعالى: ﴿وأفئدتهم هواء﴾ (إبراهيم: ٤٣)
أي: جوف لا عقول فيها وذلك أنّ القلوب مراكز العقول ألا ترى إلى قوله تعالى: ﴿فتكون لهم قلوب يعقلون بها﴾ (الحج: ٤٦)
وقوله تعالى:
(٧/١٨٥)
---


الصفحة التالية
Icon