(٧/٢١٣)
---
استأنف قوله ﴿لعلكم تصطلون﴾ أي: لتكونوا على رجاء من أن تقربوا من النار فتعطفوا عليها للتدفؤ، وهذا دليل على أنّ الوقت كان شتاء.
﴿فلما أتاها﴾ أي: النار، وبنى ﴿نودي﴾ للمفعول لأنّ آخر الكلام يدلّ دلالة واضحة على أنّ المنادي هو الله تعالى ولما كان نداؤه تعالى لا يشبه نداء غيره بل يكون من جميع الجوانب ومع ذلك قد يكون لبعض المواضع مزيد شرف بوصف من الأوصاف إمّا بأن يكون أوّل السماع منه أو غيره ذلك أو يكون باعتبار موسى عليه السلام قال ﴿من شاطئ الواد﴾ فمِنْ: لابتداء الغاية، وقوله تعالى ﴿الأيمن﴾ صفة للشاطئ أو للوادي، والأيمن من اليمن وهو البركة أو من اليمين المعادل لليسار من العضوين ومعناه على هذا بالنسبة إلى موسى أي: الذي يلي يمينك دون يسارك، والشاطئ ضفة الوادي والنهر أي: حافته وطرفه وكذا الشط والسيف والساحل كلها بمعنى، وجمع الشاطئ أشطأ قاله الراغب وشاطأ فلاناً ماشيته سار بها على الشاطئ، وقوله تعالى ﴿في البقعة المباركة﴾ متعلق بنودي أو بمحذوف على أنه حال من الشاطئ ومعنى المباركة جعلها الله تعالى مباركة لأنّ الله تعالى كلم موسى عليه السلام هناك وبعثه نبياً، وقال عطاء: يريد المقدسة وقوله تعالى: ﴿من الشجرة﴾ بدل من شاطئ الوادي بإعادة الجار بدل اشتمال لأنّ الشجرة كانت ثابتة على الشاطئ، قال البقاعي: ولعلّ الشجرة كانت كبيرة فلما وصل إليها دخل النور من طرفها إلى وسطها فدخلها وراءه بحيث توسطها فسمع وهو فيها الكلام من الله تعالى حقيقة وهو المتكلم سبحانه وتعالى لا الشجرة.
قال القشيري: وحصل الإجماع على أنه عليه السلام سمع تلك الليلة كلام الله تعالى ولو كان ذلك نداء الشجرة لكان المتكلم الشجرة وقال التفتازانيّ: في شرح المقاصد إنّ اختيار حجة الإسلام أنه سمع كلامه الأزليّ بلا صوت ولا حرف كما ترى ذاته في الآخرة بلاكمّ ولا كيف.
(٧/٢١٤)
---


الصفحة التالية
Icon