﴿إنما تعبدون من دون الله﴾ أي: غيره ﴿أوثاناً﴾ أي: أصناماً لا تستحق العبادة لأنها حجارة منحوتة لا شرف لها ﴿وتخلقون﴾ أي: تصوّرون بأيديكم ﴿إفكاً﴾ أي: شيئاً مصروفاً عن وجهه فإنه مصنوع وأنتم تسمونه باسم الصانع، ومربوب وأنتم تسمونه رباً، أو تقولون كذباً في تسميتها آلهة وادعاء شفاعتها عند الله، ثم إنّ الله تعالى نفى عنها النفع بقوله تعالى: ﴿إن الذين تعبدون﴾ ضلالاً وعدولاً عن الحق الواضح ﴿من دون﴾ أي: غير ﴿الله﴾ الذي له الملك كله ﴿لا يملكون لكم رزقاً﴾ أي: شيئاً من الرزق الذي لا قوام لكم بدونه وأنتم تعبدونها فكيف بغيركم فتسبب عن ذلك قوله تعالى: ﴿فابتغوا﴾ أي: اطلبوا ﴿عند الله﴾ أي: الذي له صفات الكمال ﴿الرزق﴾ أي: كله فإنه لا شيء منه إلا وهو بيده، فإن قيل: لم نكر الرزق في قوله تعالى: ﴿لا يملكون لكم رزقاً﴾؟ وعرفه في قوله تعالى: ﴿فابتغوا عند الله الرزق﴾ أجيب: بأنه نكره في معرض النفي أي: لا رزق عندهم أصلاً وعرفه عند الإثبات عند الله تعالى أي: كل رزق عنده فاطلبوه منه، وأيضاً الرزق من الله معروف لقوله تعالى: ﴿وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ﴾ (هود، ٦) والرزق من الأوثان غير معلوم فنكره لعدم حصول العلم به ﴿واعبدوه﴾ أي: عبادة يقبلها وهي ما كانت خالصة من الشرك ﴿واشكروا﴾ أي: أوقعوا الشكر ﴿له﴾ خاصة على ما أفاض عليكم من النعم، ثم علل ذلك بقوله تعالى: ﴿إليه﴾ وحده ﴿ترجعون﴾ أي: معنى في الدنيا والآخرة فإنه لا حكم في الحقيقة لأحد سواه، وحساً بالنشر والحشر بأيسر أمر فيثيب الطائع ويعذب العاصي، ولما فرغ من بيان التوحيد أتى بعده بالتهديد فقال:
(٧/٢٩٠)
---