﴿قالوا﴾ أي: الرسل عليهم السلام لإبراهيم عليه السلام بعد أن بشروه وتوجهوا نحو سدوم ﴿إنا مهلكوا أهل هذه القرية﴾ أي: قرية سدوم، والإضافة لفظية لأنّ المعنى على الاستقبال، ثم عللوا ذلك بقولهم: ﴿إنّ أهلها كانوا ظالمين﴾ أي: غريقين في هذا الوصف فلا حيلة في رجوعهم عنه، فإن قيل قال تعالى في قوم نوح: ﴿فأخذهم الطوفان وهم ظالمون﴾ (العنكبوت، ١٤) ففي ذلك إشارة إلى أنهم كانوا على ظلمهم حين أخذهم ولم يقل فأخذهم وكانوا ظالمين وهنا قال: ﴿إنّ أهلها كانوا ظالمين﴾ ولم يقل وهم ظالمون؟ أجيب: بأنه لا فرق في الموضعين في كونهما مهلكين وهم مصرون على الظلم لكن هناك الإخبار من الله تعالى عن الماضي حيث قال فأخذهم وهم عند الوقوع في العذاب ظالمون وههنا الإخبار من الملائكة عن المستقبل حيث قالوا: ﴿إنا مهلكوا﴾ فذكروا ما أمروا به فإنّ الكلام عن الملك بغير إذنه سوء أدب، وهم كانوا ظالمين في وقت الأمر وكونهم يبقون كذلك لا علم لهم به، ولما قالت الملائكة لإبراهيم عليه السلام ذلك ﴿قال﴾ لهم مؤكداً تنبيهاً على حالة ابن أخيه ﴿إنّ فيها لوطاً﴾ ولم يقل عليه السلام إن منهم لوطاً لأنه نزيل عندهم فلذا جاء بالتصريح بالسؤال عنه ﴿قالوا﴾ أي: الرسل عليهم السلام له: ﴿نحن أعلم﴾ منك ﴿بمن فيها﴾ أي: من لوط وغيره ﴿لننجينه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين﴾ أي: الباقين في العذاب وهم الفجرة لتعم وجهها معهم الغبرة، وقرأ حمزة والكسائي بسكون النون الثانية وتخفيف الجيم بعدها، والباقون بفتح النون وتشديد الجيم بعدها.
(٧/٣٠٧)
---