﴿مثل الذين اتخذوا﴾ أي: تكلفوا أن اتخذوا ﴿من دون الله﴾ أي: الذي لا كفء له فرضوا بالدون الذي لا ينفع ولا يضرّ عوضاً عمن لا تكيفه الأوهام والظنون ﴿أولياء﴾ ينصرونهم بزعمهم من معبودات وغيرها في الضعف والوهن.
﴿كمثل العنكبوت﴾ أي: الدابة المعروفة ذات الأرجل الكثيرة الطوال ﴿اتخذت بيتاً﴾ أي: تكلفت أخذه في صنعتها له ليقيها الردى ويحميها البلاء كما تكلف هؤلاء اصطناع أربابهم ليقوهم ويحفظوهم بزعمهم فكان ذلك البيت مع تكلفها في أمره وتعبها الشديد في شأنه في غاية الوهن ﴿وإن﴾ أي: والحال إن ﴿أوهن البيوت﴾ أي: أضعفها ﴿لبيت العنكبوت﴾ لا يدفع عنها حرّاً ولا بردا كذلك الأصنام لا تنفع عابديها ﴿لو كانوا يعلمون﴾ أي: لو كانوا يعلمون أنّ هذا مثلهم وأن أمر دينهم بالغ هذه الغاية من الوهن، وأيضاً أنه إذا صح تشبيه ما اعتمدوه في دينهم ببيت العنكبوت فقد تبين أنّ دينهم أوهن الأديان لو كانوا يعلمون أي: لو كان لهم نوع مّا من العلم لانتفعوا به ولعلموا أنّ هذا مثلهم فأبعدوا عن اعتقاد ما هذا مثلهم، ولقائل أن يقول مثل المشرك الذي يعبد الوثن بالقياس إلى المؤمن الذي يعبد الله مثل عنكبوت تتخذ بيتاً بالإضافة إلى رجل يبني بيتاً بآجر وجص أو ينحته من صخر وكان أوهن البيوت إذا استقريتها بيتاً بيتاً بيت العنكبوت كذلك الأديان إذا استقريتها ديناً ديناً عبادة الأوثان، فإن قيل: لم مثل تعالى باتخاذ العنكبوت ولم يمثل بنسجها؟ أجيب: بأنّ نسجها فيه فائدة لولاه لما حصلت وهو اصطياد الذباب به من غير أن يفوتها ما هو أعظم منه واتخاذهم الأوثان يفيدهم ما هو أقل من الذباب من متاع الدنيا ولكن يفوتهم ما هو أعظم منها وهو الدار الآخرة التي هي خير وأبقى فليس اتخاذهم كنسج العنكبوت، تنبيه: نون العنكبوت أصلية والواو والتاء مزيدتان بدليل جمعة على عناكب وتصغيره عنيكب ويذكر ويؤنث فمن التأنيث قوله تعالى ﴿اتخذت﴾ ومن التذكير قول القائل:
(٧/٣١٨)
---


الصفحة التالية
Icon