ويصليها خاشعاً بالقلب والجوارح، فقد روي عن حاتم كأنّ رجليّ على الصراط والجنة عن يميني والنار عن شمالي وملك الموت من فوقي وأصلي بين الخوف والرجاء، ثم يحوطها بعد أن يصليها ولا يحبطها فهي الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر، وقال ابن مسعود وابن عباس: إن الصلاة تنهى وتزجر عن معاصي الله عز وجل فمن لم تأمره صلاته بالمعروف ولم تنهه عن المنكر لم يزدد بصلاته من الله تعالى إلا بعداً، وقال الحسن وقتادة: من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فصلاته وبال عليه، وقيل من كان مراعياً للصلاة جره ذلك إلى أن ينتهي عن السيئات يوماً ما، فقد روي أنه قيل لرسول الله ﷺ أن فلاناً يصلي بالنهار ويسرق بالليل فقال: «إن صلاته لتردعه».
وروي أن فتى من الأنصار كان يصلي معه الصلوات ولا يدع شيئاً من الفواحش إلا ركبه فوصف له فقال: إنّ صلاته ستنهاه فلم يلبث أن تاب، وقال ابن عوف: معنى الآية إن الصلاة تنهى صاحبها عن الفحشاء والمنكر ما دام فيها، وعلى كل حال فإنّ المراعي للصلاة لا بدّ أن يكون أبعد من الفحشاء والمنكر ممن لا يراعيها، وأيضاً فكم من مصلين تنهاهم الصلاة عن الفحشاء والمنكر، واللفظ لا يقتضي أن لا يخرج واحد من المصلين عن قضيتها كما تقول: إن زيداً ينهى عن المنكر فليس غرضك أنه ينهى عن جميع المناكر وإنما تريد أن هذه الخصلة موجودة فيه وحاصلة منه من غير اقتضاء للعموم، وقيل: المراد بالصلاة القرآن كما قال تعالى: ﴿ولا تجهر بصلاتك﴾ (الإسراء: ١١٠)
أي: بقراءتك وأراد به من يقرأ القرآن في الصلاة فالقرآن ينهاه عن الفحشاء والمنكر، روي أنه قيل لرسول الله ﷺ إن رجلاً يقرأ القرآن الليل كله ويصبح سارقاً قال ستنهاه قراءته، ولما كان الناهي في الحقيقة إنما هو ذكر الله أتبع ذلك بقوله تعالى:
(٧/٣٢١)
---