﴿قل﴾ أي: لهم إرخاء للعنان حتى كأنك ما أتيتهم بشيء ﴿إنما الآيات عند الله﴾ أي: الذي له الأمر كله ينزل أيتها شاء فلا يقدر على إنزال شيء منها غيره فإنما الإله هو لا سواه ولو شاء أن ينزل ما يقترحونه لفعل ﴿وإنما أنا ندير مبين﴾ أي: فليس من شأني إلا الإنذار وإبانته بما أعطيته من الآيات وليس لي أن أقترح عليه الآيات فأقول أنزل علي آية كذا دون آية كذا على أنّ المقصود من الآيات الدلالة على الصدق وهي كلها في حكم آية واحدة في ذلك، ولم يذكر البشارة لأنه ليس من أسلوبها وقوله تعالى:
﴿أو لم يكفهم﴾ جواب لقولهم لولا أنزل عليه آيات من ربه أي: إن كانوا طائعين للحق غير متيقنين آية مغنية عن كل آية ﴿إنا أنزلنا﴾ أي: بما لنا من العظمة ﴿عليك الكتاب﴾ أي: القرآن الجامع لسعادة الدارين بحيث صار خلقاً لك ﴿يتلى عليهم﴾ أي: تتجدّد متابعة قراءته عليهم شيئاً بعد شيء في كل مكان وفي كل زمان من كل مقال مصدقاً لما في الكتب القديمة من نعتك وغيره من الآيات الدالة على صدقك فأعظم به آية باقية لا تزول ولا تضمحل إذ كل آية سواه منقضية ماضية وتكون في مكان دون مكان، فالقرآن أتم من كل معجزة لوجوه:
الأوّل: أنّ تلك المعجزات وجدت وما دامت فإن قلب العصا ثعبان وإحياء الميت لم يبق لنا منه أثر فلو أنكره واحد لم يمكن إثباتها معه بدون الكتاب، وأما القرآن فهو باق لو أنكره واحد فيقال أئت بآية من مثله.
(٧/٣٢٨)
---


الصفحة التالية
Icon