﴿يا عبادي الذين آمنوا﴾ فشرفهم بالإضافة إليه ﴿إن أرضي واسعة﴾ أي: في الذات والرزق وكل ما تريدون من الرفق إن لم تتمكنوا بسبب هؤلاء المعاندين الذين يفتنونكم في دينكم، قال مقاتل والكلبي: نزلت في ضعفاء مسلمي مكة يقول الله تعالى: إن كنتم في ضيق بمكة من إظهار الإيمان فاخرجوا منها فإنّ أرض المدينة واسعة آمنة وقال مجاهد: إن أرضي واسعة فهاجروا وجاهدوا وفيها، وقال سعيد بن جبير: إذا عمل في أرض بالمعاصي فاخرجوا منها فإن أرضي واسعة، وكذا يجب على كل من كان في بلد يعمل فيها بالمعاصي ولا يمكنه تغيير ذلك أن يهاجر إلى حيث تتهيأ له العبادة ولكن صارت البلدان في زماننا كلها متساوية فلا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم.
(٧/٣٣٤)
---
وقرأ بفتح الياء ابن عامر، والباقون بتسكينها، وقيل نزلت في قوم تخلفوا عن الهجرة بمكة وقالوا: نخشى إن هاجرنا من الجوع وضيق المعيشة فأنزل الله تعالى هذه الآية ولم يعذرهم بترك الخروج، وقال مطرف بن عبد الله: أرضي واسعة يعني رزقي لكم واسع فاخرجوا، روى الثعلبي عن الحسن البصري مرسلاً: «من فرّ بدينه من أرض إلى أرض ولو كان شبراً استوجب الجنة، وكان رفيق إبراهيم ومحمد صلوات الله وسلامه عليهما».
تنبيه: قوله تعالى: ﴿يا عبادي﴾ لا يدخل فيه الكافر لوجوه: الأوّل: قوله تعالى: ﴿إن عبادي ليس لك عليهم سلطان﴾ (الحجر: ٤٢)
والكافر تحت سلطنة الشيطان فلا يدخل في قوله تعالى يا عبادي. الثاني: قوله تعالى: ﴿يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله﴾ (الزمر: ٥٣)
(٧/٣٣٥)
---