فإن قيل: ما الفائدة في قوله تعالى هنا ﴿ومن آياته أن تقوم﴾ (الروم: ٢٥)
وقال تعالى قبله ﴿ومن آياته يريكم البرق﴾ (الروم: ٢٤)
ولم يقل أن يريكم ليصير كالمصدر بأن؟ أجيب: بأنّ القيام لما كان غير معتبر أخرج الفعل بأن عن الفعل المستقبل ولم يذكر معه الحروف المصدرية، فإن قيل: ما الحكمة في أنه تعالى ذكر ست دلائل وذكر في أربع منها ﴿إنّ في ذلك لآيات﴾ (يونس: ٦٧)
ولم يذكر في الأوّل وهو قوله تعالى ﴿ومن آياته أن خلقكم من تراب﴾ ولا في الآخر وهو قوله ﴿من آياته أن تقوم السماء والأرض﴾ (الروم: ٢٥)
؟ أجيب: عن ذلك: أما عن الأوّل فلأنّ قوله بعده ﴿ومن آياته أن خلق لكم﴾ (الروم: ٢١)
(٧/٣٧١)
---
أيضاً دليل الأنفس فخلق الأنفس، وخلق الأزواج من باب واحد على ما تقدّم من أنه تعالى ذكر من كل باب أمرين للتقرير والتوكيد، فلما قال في الثانية إنّ في ذلك لآيات كان عائداً إليهما، وأمّا في قيام السماء والأرض فلأنه ذكر في الآيات السماوية أنها آيات للعالمين ولقوم يعقلون وذلك لظهورها، فلما كان في أوّل الأمر ظاهراً ففي آخر الأمر بعد سرد الأدلة يكون أظهر فلم يميز أحداً في ذلك عن الآخر، ثم إنه تعالى لما ذكر الدليل على القدرة والتوحيد ذكر مدلوله وهو قدرته على الإعادة بقوله تعالى: ﴿ثم إذا دعاكم﴾ وأشار إلى هوان ذلك القول عنده بقوله عز وجل ﴿دعوة﴾ أي: واحدة ﴿من الأرض﴾ بأن ينفخ إسرافيل في الصور للبعث من القبور فيها فيقول: أيها الموتى اخرجوا ﴿إذا أنتم تخرجون﴾ أي: منها أحياء بعد اضمحلالكم بالموت والبلا فلا تبقى نسمة من الأوّلين والآخرين إلا قامت تنظر كما قال تعالى ﴿ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون﴾ (الزمر: ٦٨)


الصفحة التالية
Icon