(٧/٣٧٧)
---
﴿منيبين﴾ أي: راجعين ﴿إليه﴾ تعالى فيما أمر به ونهى عنه حال من فاعل أقم، قال الزمخشريّ: فإن قلت: لم وحدّ الخطاب أوّلاً ثم جمع؟ قلت: خوطب رسول الله ﷺ أوّلاً، وخطاب الرسول خطاب لأمّته مع ما فيه من التعظيم للإمام، ثم جمع بعد ذلك للبيان والتلخيص ﴿واتقوه﴾ أي: خافوه فإنكم وإن عبدتموه فلا تأمنوا أن تزيغوا عن سبيله ﴿وأقيموا الصلاة﴾ أي: داوموا عليها وعلى أدائها في أوقاتها ﴿ولا تكونوا من المشركين﴾ أي: لا تكونوا ممن يدخل في عدادهم بمواددةٍ أو معاشرةٍ أو عملٍ تشابهونهم فيه، فإنه من تشبه بقوم فهو منهم، وهو عامّ في كل مشرك سواء كان بعبادة صنمٍ أونارٍ أو غير ذلك. وقوله تعالى.
﴿من الذين﴾ بدل من المشركين بإعادة الجار ﴿فرّقوا دينهم﴾ أي: الذي هو الفطرة الأولى، فعبد كل قوم منهم شيئاً ودانوا ديناً غير دين مَن سواهم وهو معنى ﴿وكانوا شيعاً﴾ أي: فرقاً متخالفين كل واحدة منهم تتشايع من دان بدينها على من خالفهم حتى كفّر بعضهم بعضاً واستباحوا الدماء والأموال، فعلم قطعاً أنهم كلهم ليسوا على الحق، وقرأ حمزة والكسائي بألف بعد الفاء وتخفيف الراء، والباقون بغير ألف وتشديد الراء، فعلى القراءة الأولى فارقوا أي: تركوا دينهم الذي أمروا به. ولما كان هذا أمر يتعجب من وقوعه زاده عجباً بقوله تعالى: استئنافاً ﴿كل حزب﴾ أي: منهم ﴿بما لديهم﴾ أي: عندهم ﴿فرحون﴾ أي: مسرورون ظناً منهم أنهم صادفوا الحق وفازوا به دون غيرهم، ولما بين تعالى التوحيد بالدليل وبالمثل بين أنّ لهم حالة يعترفون بها وإن كانوا ينكرونها في وقت وهي حالة الشدّة بقوله تعالى:
(٧/٣٧٨)
---


الصفحة التالية
Icon