أي: لا تعط وتطلب أكثر مما أعطيته تشريفاً له، وكره لعامّة الناس فسمي باسم المطلوب من الزيادة في المعاملة فالربا ربوان: فالحرام: كل قرض يؤخذ فيه أكثر منه أو يجرّ منفعة، والذي ليس بحرام أن يستدعي بهديته أو بهبته أكثر منها، وقرأ ابن كثير بقصر الهمزة بمعنى ما جئتم به من إعطاء ربا، والباقون بمدّها ﴿ليربو﴾ أي: يزيد ويكثر ذلك ﴿في أموال الناس﴾ أي: يحصل فيه زيادة تكون أموال الناس ظرفاً لها فهو كناية عن أنّ الزيادة التي يأخذها المرابي من أموالهم لا يملكها أصلاً، وقرأ نافع بتاء الخطاب بعد اللام مضمومة وسكون الواو، والباقون بالياء التحتية مفتوحة وفتح الواو ﴿فلا يربو﴾ أي: يزكو وينمو فلا ثواب فيه ﴿عند الله﴾ أي: الملك الأعلى الذي له الغنى المطلق وصفات الكمال، وكل ما لا يربو عند الله فهو ممحوق لا وجود له فمآله إلى فناء وإن كثر ﴿يمحق الله الربوا ويربى الصدقات﴾ (البقرة: ٢٧٦)
ولما ذكر ما زيادته نقص أتبعه ما نقصه زيادة بقوله ﴿وما آتيتم﴾ أي: أعطيتم ﴿من زكاة﴾ أي: صدقة، وعبر عنها بذلك ليفيد الطهارة والزيادة أي: تطهرون بها أموالكم من الشبه، وأبدانكم من موادّ الخبث، وأخلاقكم من الغلّ والدنس، ولما كان الإخلاص عزيزاً أشار إلى عظمته بتكريره بقوله عز وجل ﴿تريدون﴾ أي: بها ﴿وجه الله﴾ أي: عظمة الملك الأعلى، فيعرفون من حقه ما يتلاشى عندهم كل ما سواه فيخلصون له ﴿فأولئك هم المضعفون﴾ أي: ذوو الإضعاف الذين ضاعفوا أموالهم في الدنيا بسبب ذلك بالحفظ والبركة، وفي الآخرة بكثرة الثواب عند الله من عشر أمثال إلى ما لا حصر له.
ونظير المضعف المقوي والموسر لذي القوّة واليسار، ولما وضح بهذا أنه لا زيادة إلا فيما يزيده الله ولا تخير إلا فيما يختاره الله بين تعالى ذلك بطريق لا أوضح منه بقوله تعالى:
(٧/٣٨٥)
---