تنبيه: اللام موطئة للقسم دخلت على حرف الشرط. وقوله تعالى ﴿لظلوا﴾ أي: لصاروا ﴿من بعده﴾ أي: اصفراره ﴿يكفرون﴾ أي: بيأسهم من روح الله، جواب سدّ مسدّ الجزاء ولذلك فسر بالاستقبال. تنبيه: سمى النافعة رياحاً والضارّة ريحاً لوجوه: أحدها: أنّ النافعة كثيرة الأنواع كثيرة الأفراد فجمعها لأن في كل يوم وليلة تهب نفحات من الرياح النافعة ولا تهب الريح الضارّة في أعوام بل الضارّة لا تهب في الدهور. ثانيها: أنّ النافعة لا تكون إلا رياحاً وأما الضارة فنفخة واحدة تقبل كريح السموم. ثالثها: جاء في الحديث أنّ ريحاً هبت فقال عليه الصلاة والسلام: «اللهمّ اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً» إشارة إلى قوله تعالى ﴿فأرسلنا عليهم الريح العقيم﴾ (الذاريات: ٤١)
وقوله تعالى ﴿ريحاً صرصراً﴾ إلى قوله ﴿تنزع الناس﴾ (القمر: ١٩ ـ ٢٠)
ولما علم الله تعالى نبيه ﷺ وجوه الأدلة ووعد وأوعد لم يزدهم دعاؤه إلا فرارا وكفراً وإرصاداً قال تعالى:
﴿فإنك لا تسمع الموتى﴾ أي: ليس في قدرتك إسماع الذين لا حياة لهم فلا نظر ولا سمع، أو موتى القلوب إسماعاً ينفعهم لأنه مما اختص به الله تعالى، وهؤلاء مثل الأموات؛ لأنّ الله تعالى قد ختم على مشاعرهم ﴿ولا تسمع الصم﴾ أي: الذين لا سماع لهم ﴿الدعاء﴾ إذا دعوتهم. ولما كان الأصم قد يحس بدعائك إذا كان مقبلاً بحاسة بصره قال تعالى ﴿إذا ولوا﴾ وذكر الفعل ولم يقل ولت إشارة إلى قوّة التولي لئلا يظنّ أنه أطلق على المجانبة مثلاً ولهذا قال تعالى ﴿مدبرين﴾ وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو بتسهيل الهمزة الثانية في الوصل، والباقون بالتحقيق وإذا. وقف حمزة وهشام على الدعاء وأبدلا الهمزة ألفاً مع المدّة والتوسط والقصر.
(٧/٣٩٨)
---