(٧/٤١٩)
---
العلماء، يا بني إنّ الدنيا أمر عميق وقد غرق فيها ناس كثير فاجعل سفينتك فيها تقوى الله وحشوها الإيمان بالله، وشراعها التوكل على الله لعلك أن تنجو ولا أراك ناجياً، يا بني إني حملت الجندل والحديد فلم أحمل شيئاً أثقل من جار السوء، وذقت المرارة كلها فلم أذق أشد من الفقر، يا بني كن ممن لا يبتغي محمدة الناس ولا يكسب مذمتهم فنفسه عنهم في غنى والناس منه في راحة، يا بُنَّي إنّ الحكمة أجلست المساكين مجالس الملوك، يا بني جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك فإنّ الله ليحي القلوب بنور الحكمة كما يحي الأرض الميتة بوابل السماء، يا بني لا تتعلم ما لا تعلم حتى تعمل بما تعلم، يا بني إذا أردت أن تواخي رجلاً فأغضبه قبل ذلك، فإن أنصفك عند غضبه وإلا فاحذره، يا بني إنك منذ نزلت إلى الدنيا استدبرتها واستقبلت الآخرة فدار أنت إليها تسير أقرب من دار أنت عنها تباعد، يا بني عود لسانك أن يقول: اللهم اغفر لي فإن لله ساعات لا ترد، يا بني إياك والدين فإنه ذل النهار وهم الليل، يا بني ارج الله رجاء لا يجرئك على معصيته وخف الله خوفاً لا يؤيسك من رحمته ا. ه. وإنما أكثرت من ذلك لعل الله ينفعنى ومن طالعه بذلك، وسيأتي في كلام الله تعالى زيادة على ذلك واقتصرت على هذا القدر وإلا فمواعظه لابنه لو أراد شخص الإكثار منها لجعل منها مجلدات.
(٧/٤٢٠)
---