﴿يا بني﴾ مكرر للمناداة تنبيهاً على فرط النصيحة لفرط الشفقة ﴿أقم الصلاة﴾ أي: بجميع حدودها وشروطها ولا تغفل عنها تسبباً في نجاة نفسك وتصفية سرك فإن إقامتها وهو الإتيان بها على النحو المرضي مانعة من الخلل في العمل، إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر لأنها الإقبال على من وحدته، فاعتقدت أنه الفاعل وحده وأعرضت عن كل ما سواه لأنه في التحقيق عدم ولهذا الإقبال والإعراض كانت ثابتة للتوحيد وبهذا يعلم أن الصلاة كانت في سائر الملل غير أن هيآتها اختلفت وترك ذكر الزكاة تنبيهاً على أنه من حكمته، والحكمة تخليه وتخلى ولده من الدنيا حتى ما يكفيهم لقوتهم ولما، أمره بتكميله في نفسه توفية لحق الحق عطف على ذلك تكميله لغيره بقوله ﴿وأمر بالمعروف﴾ أي: كل من تقدر على أمره تهذيباً لغيرك وشفقة على نفسك لتخليص أبناء جنسك ﴿وإنه﴾ أي: كل من قدرت على نهيه ﴿عن المنكر﴾ حباً لأخيك ما تحب لنفسك تحقيقاً لنصيحتك وتكميلاً لعبادتك، ومن هذا الطراز قول أبي الأسود رحمه الله تعالى:
*ابدأ بنفسك فانهها عن غيها ** فإن انتهت عنه فأنت حكيم*
(٧/٤٢٧)
---


الصفحة التالية
Icon