﴿ولو أن ما في الأرض﴾ أي: كلها، ودل على الاستغراق وتقضي كل فرد فرد من أفراد الجنس بقوله تعالى: ﴿من شجرة﴾ حيث وحدها ﴿أقلام﴾ أي: والشجرة يمدّها من بعدها على سبيل المبالغة سبع شجرات وأنّ ما في الأرض من البحر مداد لتلك الأقلام ﴿والبحر﴾ أي: والحال أنّ البحر ﴿يمده﴾ أي: يكون مداداً له وزيادة فيه ﴿من بعده﴾ أي: من ورائه ﴿سبعة أبحر﴾ تكتب بتلك الأقلام وذلك المداد الذي الأرض كلها له دواة ﴿ما نفدت كلمات الله﴾ وفنيت الأقلام والمداد، قال المفسرون: نزل بمكة قوله تعالى.
﴿ويسئلونك عن الروح﴾ (الإسراء، ٨٥)
الآية فلما هاجر رسول الله ﷺ أتاه أحبار اليهود فقالوا يا محمد بلغنا أنك تقول وما أوتيتم من العلم إلا قليلا أفعنيتنا أم قومك فقال ﷺ «كلاً قد عنيت، فقالوا: ألست تتلو فيما جاءك أنّا أوتينا التوراة وفيها علم كل شيء فقال: ﷺ هي في علم الله تعالى قليل وقد أتاكم ما إن عملتم به انتفعتم، قالوا: يا محمد كيف تزعم هذا وأنت تقول ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً فكيف يجتمع هذا علم قليل وخير كثير؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية»، وقال قتادة إنّ المشركين قالوا: إن القرآن وما يأتي به محمد يوشك أن ينفد فينقطع فنزلت، فإن قيل كان مقتضى الكلام أن يقال: ولو أنّ الشجر أقلام والبحر مداد؟ أجيب: بأنه أغنى عن ذكر المداد قوله تعالى يمدّه لأنه من مدّ الدواة وأمدّها جعل البحر الأعظم بمنزلة الدواة وجعل الأبحر السبعة مملوأة مداداً فهي تصب فيه مدادها أبداً صباً لا ينقطع، والمعنى: ولو أن أشجار الأرض أقلام، والبحر ممدود بسبعة أبحر وكتبت بتلك الأقلام وبذلك المداد كلمات الله ما نفدت كلماته ونفدت الأقلام والمداد كقوله تعالى ﴿قل لو كان البحر مداد الكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي﴾ (الكهف: ١٠٩)
(٧/٤٤٣)
---


الصفحة التالية
Icon