فإن قيل: إنه تعالى ذكر الرسالة من قبل وذكر دليلها وهو التنزيل الذي لا ريب فيه، وذكر الوحدانية، وذكر دليلها وهو خلق السموات والأرض وخلق الإنسان من طين. ولما ذكر إنكارهم الحشر لم يذكر الدليل؟ أجيب: بأنه ذكر دليله أيضاً وهو أن خلقة الإنسان ابتداء دليل على قدرته على الإعادة، ولهذا استدل تعالى على إنكار الحشر بالخلق الأول ثم يعيده وهو أهون عليه وقوله تعالى: ﴿الذي أنشأها أول مرة﴾ (يس: ٧٩)
وأيضاً ﴿خلق السموات والأرض﴾ كما قال: ﴿أو ليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أنه يخلق مثلهم بلى﴾ (يس: ٨)
وقرأ نافع والكسائي ﴿أئذا ضللنا في الأرض﴾ أنا الأول: بالاستفهام والثاني: بالخبر، وقرأ ابن عامر الأول بالخبر الثاني بالاستفهام، والباقون بالاستفهام فيهما، ومذهب قالون وأبي عمرو في الاستفهام تسهيل الثانية وإدخال الألف بينها وبين همزة الاستفهام، وورش وابن كثير بتسهيل الثانية من غير إدخال وهشام يسهل الثانية ويحققها مع الإدخال، والباقون بتحقيقهما من غير إدخال. وقوله تعالى ﴿بل هم بلقاء ربهم كافرون﴾ أي: جاحدون إضراب عن الأول أي: ليس إنكارهم لمجرد الخلق ثانياً، بل يكفرون بجميع أحوال الآخرة، حتى لو صدقوا بالخلق الثاني لما اعترفوا بالعذاب والثواب، أو يكون المعنى لم ينكروا البعث لنفسه بل لكفرهم بلقاء الله، فإنهم كرهوه فأنكروا المفضي إليه، ثم بين لهم ما يكون من الموت إلى العذاب بقوله تعالى:
(٧/٤٦٩)
---