﴿إنما يؤمن بآياتنا﴾ أي: الدالة على عظمتنا ﴿الذين إذا ذكروا بها﴾ أي: من أي: مذكر كان في أي: وقت كان ﴿خروا سجداً﴾ أي: بادروا إلى السجود مبادرة من كأنه سقط من غير قصد خضعاً لله من شدة تواضعهم وخشيتهم وإخباتهم خضوعاً ثابتاً دائماً ﴿وسبحوا﴾ أي: أوقعوا التسبيح به عن كل شائبة نقص متلبسين ﴿بحمد ربهم﴾ أي: قالوا سبحان الله وبحمده. وقيل: صلوا بأمر ربهم.
ولما تضمن هذا تواضعهم صرح به في قوله تعالى ﴿وهم لا يستكبرون﴾ أي: عن الإيمان والطاعة كما يفعل من يصير مستكبراً، وكان رسول الله ﷺ «يقرأ السورة التي فيها السجدة فيسجد ونسجد حتى ما يجد أحدنا مكاناً لموضع جبهته في غير وقت الصلاة» وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ «إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل إبليس يبكي يقول: يا ويلتي أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار» وهذه من عزائم سجود القرآن فتسن للقارئ والمستمع والسامع.
ولما كان المتواضع ربما ينسب إلى الكسل نفى ذلك عنهم مبيناً لما تضمنته الآية السالفة من خوفهم بقوله تعالى:
(٧/٤٧٣)
---
﴿تتجافى﴾ أي: ترتفع وتنبو ﴿جنوبهم عن المضاجع﴾ عبر به عن ترك النوم، قال ابن رواحة:
*نبيٌّ تجافى جنبه عن فراشه ** إذا استثقلت بالمشركين المضاجع*
والمضاجع: جمع المضجع وهو الموضع الذي يضجع عليه يعني الفراش وهم المتهجدون الذين يقيمون الصلاة. قال أنس: «نزلت فينا معاشر الأنصار كنا نصلي المغرب فلا نرجع إلى رحالنا حتى نصلي العشاء مع النبي ﷺ وعن أنس أيضاً قال: «نزلت في أناس من أصحاب النبي ﷺ كانوا يصلون صلاة المغرب إلى صلاة العشاء» قال عطاء: هم الذين لا ينامون حتى يصلوا العشاء الآخرة والفجر في جماعة.