ونزل في علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه والوليد بن عقبة بن أبي معيط أخي عثمان لأمه حين تنازعا فقال الوليد بن عقبة لعلي: اسكت فإنك صبي وأنا شيخ وأنا والله أبسط منك لساناً وأحد منك سناناً وأشجع جناناً وأملأ منك حشواً في الكتيبة، فقال له علي اسكت فإنك فاسق.
﴿أفمن كان مؤمناً﴾ أي: راسخاً في التصديق بجميع ما أخبرت به الرسل ﴿كمن كان فاسقاً﴾ أي: راسخاً في الفسق خارجاً عن دائرة الإذعان وقال تعالى ﴿لا يستوون﴾ ولم يقل تعالى لا يستويان؛ لأنه لم يرد مؤمناً واحداً ولا فاسقاً واحداً بل أراد جميع المؤمنين وجميع الفاسقين فلا يستوي جمع من هؤلاء بجميع من أولئك ولا فرد بفرد. قال قتادة: لا يستوون لا في الدنيا ولا عند الموت ولا في الآخرة.
ولما نفى استواءهم أتبعه حال كلَ على سبيل التفصيل وبدأ بحال المؤمن بقوله تعالى:
﴿أما الذي آمنوا وعملوا﴾ أي: تصديقاً لإيمانهم ﴿الصالحات﴾ أي: الطاعات ﴿فلهم جنات المأوى﴾ أي: التي يأوي إليها المؤمنون فإنها المأوى الحقيقي والدنيا منزل مرتحل عنها لا محالة، وهي نوع من الجنات قال الله تعالى: ﴿ولقد رآه نزله أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى﴾ (النجم: ١٣، ١٥)
سميت بذلك لما روى عن ابن عباس قال: تأوي إليها أرواح الشهداء وقيل هي عن يمين العرش ﴿نزلاً﴾ أي: عداداً لهم أول قدومهم قال البقاعي: كما يهيأ للضيف على ما لاح أي: عند قدومه ﴿بما﴾ أي: بسبب ما ﴿كانوا يعملون﴾ من الطاعات فإن أعمالهم من رحمة ربهم، وإذا كانت هذه الجناب نزلاً فماظنك بما بعد ذلك هو لعمري ما أشار إليه قوله ﷺ «ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر» وهم كل لحظة في زيادة لأن قدرة الله تعالى لا نهاية لها، فإياك أن تخادع أو يغرنك ملحد، ثم ثنى بحال الكافر بقوله تعالى:
(٧/٤٨١)
---