---
ولما بين أنهم أولى لسبب القرابة بين المفضل عليه بقوله تعالى: ﴿من﴾ أي: هم أولى بسبب القرابة من ﴿المؤمنين﴾ الأنصار من غير قرابة مرجحة ﴿والمهاجرين﴾ أي: ومن المهاجرين المؤمنين من غير قرابة كذلك وقوله تعالى: ﴿إلا أن تفعلوا﴾ استثناء منقطع كما جرى عليه الجلال المحلي أي: لكن أن تفعلوا ﴿إلى أوليائكم معروفاً﴾ بوصية فجائز، ويجوز أن يكون استثناء من أعم العام كما قاله الزمخشري في معنى النفع والإحسان كما تقول: القريب أولى من الأجنبي إلا في الوصية، تريد أنه أحق منه في كل نفع من ميراث وهبة وهدية وصدقة وغير ذلك إلا في الوصية، والمراد بفعل المعروف التوصية لأنه لا وصية لوراث وعدّى تفعلوا بإلى؛ لأنه في معنى تسدوا. والمراد بالأولياء: المؤمنون والمهاجرون للولاية في الدين ﴿كان ذلك﴾ أي: ما ذكر من آيتي ﴿ادعوهم﴾ ﴿والنبي أولى﴾ وقيل: أول ما نسخ من الآيات الإرث بالإيمان والهجرة ثابتاً ﴿في الكتاب﴾ أي: اللوح المحفوظ والقرآن ﴿مسطوراً﴾ قال الأصبهاني: وقيل في التوراة قال البقاعي: لأن في التوراة إذا نزل رجل بقوم من أهل دينه فعليهم أن يكرموه ويواسوه، وميراثه لذوي قرابته، فالآية من الاحتباك، أثبت وصف الإيمان أولاً دليلاً على حذفه ثانياً ووصف الهجرة ثانياً دليلاً على حذف النصرة أولاً.
(٨/٤)
---
﴿وإذ﴾ أي: واذكر حين ﴿أخذنا﴾ بعظمتنا ﴿من النبيين ميثاقهم﴾ أي: عهودهم في تبليغ الرسالة والدعاء إلى الدين القيم في المنشط والمكره وفي تصديق بعضهم لبعض وفي اتباعك فيما أخبرنا به في قولنا: ﴿لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه﴾ (آل عمران: ٨٨)
وقولهم أقررنا.
(٨/٥)
---
ولما ذكر ما أخذ على جميع الأنبياء من العهد في إبلاغ ما يوحى إليهم والعمل بمقتضاه ذكر ما أخذ عليهم من العهد في التبليغ بقوله تعالى: ﴿ومنك﴾ أي: في قولنا في هذه السورة ﴿اتق الله واتبع ما يوحى إليك﴾ (الأحزاب: ١ ـ ٢)