﴿ليسأل﴾ أي: الله تعالى يوم القيامة ﴿الصادقين﴾ أي: الأنبياء الذين صدقوا عهدهم ﴿عن صدقهم﴾ أي: عما قالوه لقومهم تبكيتاً للكافرين بهم، وقيل: ليسأل المصدقين للأنبياء عن تصديقهم؛ لأن من قال للصادق: صدقت كان صادقاً في قوله، وقيل: ليسأل الأنبياء ما الذي أجابتهم به أممهم، وقيل: ليسأل الصادقين بأفواههم عن صدقهم بقلوبهم وقوله تعالى: ﴿وأعد للكافرين عذاباً أليماً﴾ أي: مؤلماً معطوف على أخذنا من النبيين؛ لأن المعنى: أن الله تعالى أكد على الأنبياء الدعوة إلى دينه لأجل إثابة المؤمنين، وأعد للكافرين عذاباً أليماً، ويجوز أن يعطف على ما دل عليه ليسأل الصادقين، كأنه قال: أثاب المؤمنين وأعد للكافرين، وقيل: إنه قد حذف من الثاني ما أثبت مقابله في الأول، ومن الأول ما أثبت مقابله في الثاني والتقدير: ليسأل الصادقين عن صدقهم فأثابهم ويسأل الكافرين عما كذبوا به رسلهم وأعد لهم عذاباً أليماً.
ثم حقق الله تعالى ما سبق لهم من الأمر بتقوى الله تعالى بحيث لا يبقى معه الخوف من أحد بقوله تعالى:
﴿يا أيها الذين آمنوا اذكروا﴾ ورغبهم في الشكر بذكر الإحسان والتصريح بالاسم الأعظم بقوله تعالى: ﴿نعمة الله﴾ أي: الملك الأعلى الذي لا كفء له ﴿عليكم﴾ أي: لتشكروه عليها بالنفوذ، لأمره وعبر بالنعمة؛ لأنها المقصودة بالذات، والمراد إنعامه يوم الأحزاب وهو يوم الخندق، ثم ذكر وقت تلك النعمة زيادة في تصويرها ليذكر لهم ما كان فيه منها بقوله تعالى: ﴿إذ﴾ أي: حين ﴿جاءتكم جنود﴾ أي: الأحزاب وهم قريش وغطفان ويهود قريظة والنضير، وقرأ نافع وابن كثير وابن ذكوان وعاصم بالإظهار والباقون بالإدغام ﴿فأرسلنا﴾ أي: تسبب عن ذلك أنا لما رأينا عجزكم عن مقابلتهم ومقاومتهم أرسلنا ﴿عليهم ريحاً﴾ وهي ريح الصبا قال عكرمة: قالت الجنوب للشمال ليلة الأحزاب:
(٨/٧)
---